قال رحمه الله: [وإن فعل هو أو غيره ممن قصد منعه بعض ما حلف على كله لم يحنث ما لم تكن له نية] هناك فرق بين الكل والبعض، فلو قال: والله لا آكل الرغيف فإنه يحنث إذا أكل بعضه، أما لو قال: والله لا آكل كل الرغيف.
فأكل نصفه، أو أكل ثلثيه أو ثلاثة أرباعه أو أكل شيئاً يسيراً لم يحنث حتى يأكل الكل، ولو قال: والله لا أدخل الدار فمد يده أو مد رجله لم يحنث حتى يدخل كله.
ومن هنا قالوا: الجزء لا يأخذ حكم الكل، واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام لـ عائشة: (ناوليني الخمرة -وكان معتكفاً- قالت: يا رسول الله! إني حائض) وهذا يدل على أن الحائض لا تدخل المسجد، فإنه لو كانت عائشة لا تدرك هذا -وهي الفقيهة- لقامت مباشرة وأعطته، لكن قالت: (إني حائض) ومعنى ذلك: أنه عرف عند الصحابة وتقرر أن الحائض لا تدخل المسجد، لكنهم ظنوا أن الجزء يأخذ حكم الكل؛ فإنها لو مدت يدها لناولته، فقال لها: (إن حيضتك ليست في يدك) يعني: (ناوليني) والمناولة باليد، ما قال: ائتيني أو تعالي بالخمرة إنما قال: (ناوليني) باليد، فدل هذا على أن الجزء لا يأخذ حكم الكل، وأنه لا يحنث.
ومن ذلك: مسألة الأيمان والنذر في الاعتكاف، لو نذر أنه لا يخرج من المسجد فأخرج يده فإن هذا لا يوجب الحكم بانتقاضه.