قال رحمه الله: [الثاني: الآلة]: الشرط الثاني: الآلة.
[فتباح الذكاة بكل محددٍ].
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم)، وقال: (وليحد أحدكم شفرته)، فدل على أن المحدد من جنس ما يذكى به، مثل: السكاكين، والزجاج، فلو أنه لم يجد سكينة فله أن يذبح بالزجاج، فالزجاج له مور ونفاذ، فإذا أمسك البهيمة وذبحها بالزجاجة، أو ذبحها بنحاس له مور ونفاذ كل ذلك مؤثر ما دام أنه ينهر الدم، ولذلك لما سأل أبو ثعلبة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيد بقوسه، قال: (ما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل)، وفي بعض الروايات: (إن أصاب فخزق) وهذا يدل على اعتبار المور، والنفاذ وقد تقدم معنا في القتل العمد بيان مسألة المحدد.
قوله: [ولو مغصوباً]: إشارة إلى خلاف مذهبي، قال بعض العلماء، وهو موجود في مذهب الحنابلة: أنه لو غصب سكيناً وذكى بها، لم تصح التذكية، والصحيح مذهب الجمهور: أنه لو أخذ سكيناً فذكى بها، صحت التذكية.
قوله: [من حديدٍ، وحجرٍ، وقصبٍ وغيره]: (من): بيانية، من حديد: مثلما ذكرنا: محددة، كالسكاكين.
[وحجرٍ]: لحديث المرأة؛ لأنها كسرت حجراً.
[وقصبٍ وغيره]: القصب معروف، فإذا كان له مور ونفاذ، فإنه يذبح به وينحر.
[إلا السن، والظفر]: لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثناهما كما في الحديث الصحيح: (أما السن فعظم) والعظم زاد إخواننا من الجن، فلو أخذ ناباً ونحو ذلك من بهيمة، وأراد أن يطعن به خزقاً كما ذكر بعض العلماء وكان بعض العرب في القديم يأخذ البهيمة بسنه، كما لو صاد عصفوراً.
فهذا من المخصصات لحديث: (ما أنهر الدم) لأن السن ينهر الدم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبره ذكاة.
(والظفر) كذلك: وهو معروف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فمدى الحبشة).