بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب الذكاة].
الذكاة أصلها: الشيء الطيب، ومنه قولهم: رائحة ذكية، وقيل: الذكاة الحدة، والفراسة القوية، ولذلك وصف بها إنهار الدم؛ لأن الآلة تفري، وتنهر الدم، فكانت هناك مناسبة بين الإطلاق اللغوي والإطلاق الشرعي.
قوله رحمه الله: (باب الذكاة) أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل التي تتعلق بالذكاة الشرعية، والمناسبة: أن هذه الحيوانات المباحة، يحل أكلها إذا ذكيت وكانت من جنس ما يذكى.
فإن هناك حيوانات من حيث الأصل أمر بتذكيتها، وهناك حيوانات لا تذكى، وقد بين لنا المصنف ما يحل وما يحرم، فنستبعد الذي يحرم؛ لأن الذي يحرم لا يذكى، إلا في خلاف عند العلماء في حال الضرورة، كأن يكون مثلاً جائعاً ووجد أسداً، فهل يذكيه؟ هذا إذا ما كان الأسد سيبقى إلى تذكيته! لكن بعض العلماء يرى أنه يذكى، والأقوى أنه لا تجب الذكاة؛ لأنه أصلاً ليس من جنس ما يذكى.
الذكاة نوعان: منه ما أمر الله بذكاته، ومنه ما لم يأمر الله بذكاته، وهو حيوان البحر، وأيضاً ما لا نفس له سائلة؛ كالجراد، والدود، فهذا يؤكل بدون ذكاة، أما بالنسبة للذي يكون من غير حيوان البحر، ومما له نفس سائلة مما أحل الله أكله ففيه الذكاة.