الوازع الديني

هذه الثلاثة الجوانب تبدأ بنفسية الإنسان، هذه النفسية المؤمنة التي خاطبها الله عز وجل فأيقظها من منامها، ونبهها من غفلتها وأرشدها من ضلالتها، وهداها من غوايتها، هذه التدابير المتعلقة بالنفس تدور حول قضية حساسة جداً، وهي القضية التي تسمى بالوازع الديني.

فليس هناك سياج أعظم ولا أكمل ولا أتم من هذا السياج الذي وضعه الله عز وجل بينه وبين عبده، إذ هو سرٌ في القلوب لا يطلع عليه إلا الله جل جلاله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

الوازع الديني هو القوة الإيمانية الرهيبة التي لو خلا العبد معها بحد من حدود الله عز وجل؛ ما استطاع أن يفكر في اقترافه فضلاً عن أن تمتد له يد، أو تلتبس جارحة من جوارحه بذلك الحد الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الوازع الديني قوة خفية في الإنسان وهي خشية الغيب، كخشية الشهادة، فخشية الغيب تظهر إذا خلا العبد بحرمة من حرمات الله عز وجل؛ فإن هذه الخشية تحمله على أن يتركها؛ كما لو أنه على رءوس الأشهاد، وخشية الغيب هي التي لم تكن معها خائنة عين.

هذا الوازع الديني ما فتئت نصوص الكتاب والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركه، وتوقظه وتنبهه، وتجعله أميناً على ولي الله المؤمن، وعلى الأمة من إماء الله عز وجل أن تخون أمانتها أو تضيع رسالتها ودينها وشرفها وعرضها وكرامتها، هذا الوازع الديني، تضافرت نصوص الكتاب والسنة على إحيائه وإذكاء جذوته، ولذلك تجد المسلمين في سائر العصور والدهور يمتازون بهذه القضية، وفي جميع العصور والدهور لن تجد أطهر ولا أنقى ولا أتقى ولا أفضل ولا أكمل من مجتمعات المسلمين، حتى ولو فسدت مجتمعات الأرض فإنك تجد أقرب المجتمعات إلى الخير وأحسنها وأفضلها -بالنسبة لغيرها- مجتمعات المسلمين.

وكلما قوي باعث هذا الوازع وكلما قويت جذوته في النفوس؛ استحكم الإيمان في القلب، وكلما عظمت الهيبة للرب سبحانه أصبح الإنسان بعيداً عن مقارفة الذنب والتلبس بالعيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015