Q إذا ارتد شخصٌ حكمنا أنه لا يرث من مورثه المسلم، فهل إذا أسلم بعد موت مورثه وقبل أن تقسم التركة؛ هل يكون له الحق أو لا، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء: فبعض العلماء يقول: إنه لا يرث ما دام أن الميت توفي وهو على الكفر والردة، فحينئذٍ انقطع حقه ولا حق له في التركة، وهذا هو مذهب الجمهور رحمهم الله، وقال به جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: إن المرتد لا يرث حتى ولو أسلم قبل قسمة التركة.
أما إذا أسلم قبل موت مورثه فإنه يرثه بلا خلاف، لكن الإشكال إذا أسلم بعد الموت وقبل قسمة التركة، فتبين أن له ثلاث حالات: أولاً: أن يسلم قبل الموت، فهذا يرث إجماعاً؛ لأنه مسلم.
ثانياً: أن يسلم بعد الموت وبعد قسمة التركة فلا يرث إجماعاً؛ لأنه انتهت العلاقة، وانتهى السبب الموجب.
ثالثاً: إذا أسلم بعد الموت وقبل قسمة التركة، ففيه خلاف: فمن أهل العلم من يقول: العبرة بالموت، لأن الإرث يثبت بموته، وهذا هو الصحيح، والأدلة دالة على ذلك؛ لأن الله تعالى نص على ذلك في كتابه، وكذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم نص على الإرث بمجرد الموت، وعلى هذا تكون العبرة بحاله عند موت الشخص، فإذا كان مسلماً حال موت المورث فهو يرث وإلا فلا.
وأما الذين قالوا: إنه قبل القسمة يرث لو أسلم بعد الموت، فاستدلوا بقضاء بعض الصحابة رضوان الله عليهم، وقالوا: بحديث قسم الجاهلية وقسم الإسلام، وأنه إذا أسلم فقد أدرك القسمة، والعبرة بالقسمة، ومن هنا قالوا: إنه إذا أسلم قبل قسمة التركة فإنه يرث، والصحيح أنه لا يرث ما دام أنه توفي مورثه وهو على الكفر، وهذا هو أصح قولي العلماء رحمهم الله.
وصورة المسألة لو أن رجلاً له ولد ارتد، ثم توفي هذا الرجل يوم الإثنين ولم تقسم تركته، فرجع الولد وتاب عن ردته يوم الثلاثاء وقسمت التركة يوم الأربعاء، فحينئذٍ يرد الخلاف، لكن لو قسمت الثلاثاء ورجع الولد عن ردته الأربعاء لم يرث بالإجماع، فهذه المسألة مشهورة عند العلماء رحمهم الله، وهي من مسائل الإرث.