قال رحمه الله تعالى: [وهو الذي يكفر بعد إسلامه] قوله: (وهو) الضمير عائد إلى المرتد، والردة مأخوذة من الرجوع في لسان العرب، ولذلك أجمع العلماء رحمهم الله على أن الردة في اللغة هي الرجوع، فمصادر اللغة كلها متفقة على أن مادة الردة راجعة إلى مادة الرجوع عن الشيء.
وأما في الاصطلاح: فاختلفت عبارات العلماء رحمهم الله في حقيقة الردة والمرتد: فبعض العلماء يقول: الردة هي الرجوع عن الإيمان كما يعبر فقهاء الحنفية رحمهم الله.
وبعضهم يقول: كفر المسلم، كما عبر به طائفة من العلماء ومنهم فقهاء المالكية.
وبعضهم يقول: قطع الإسلام، كما يعبر فقهاء الشافعية.
وبعضهم يجمع بينها كما اختاره الإمام ابن قدامة رحمه الله فقال: المرتد هو الراجع عن الإسلام إلى الكفر، فجمع بين الاثنين، والمعنى واحد.
ومن هنا نجد التعاريف الاصطلاحية تختلف ألفاظها وتتفق معانيها، فكلهم اتفقوا على وصف الردة بكونها رجوعاً عن الإسلام، وهذا هو ظاهر القرآن: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة:217] فظاهره أنه يرجع بعد إسلامه إلى الكفر، نعوذ بالله العظيم من ذلك، ونعوذ بوجه الله العظيم أن يسلب الإسلام منا بعد أن وضعه في قلوبنا، ونسأله أن يزيدنا ولا ينقصنا منه.
فتعريف المرتد بأنه: هو الراجع عن الإسلام، أو الراجع عن الإيمان، أو الرجوع عن الإيمان، أو كفر المسلم؛ المعنى كله واحد، وهذا الرجوع له أسباب ودلائل وأمارات وعلامات، منها ما يرجع إلى الاعتقاد، ومنها ما يرجع إلى الأقوال، ومنها ما يرجع إلى الأعمال، وتكون هذه الاعتقادات والكلمات والأعمال موجبة للحكم بكفر صاحبها.