وقوله: [هم الذين يعرضون للناس بالسلاح] يشترط وجود السلاح في قول بعض العلماء، والجمهور على أنه لا يشترط السلاح، وأن العبرة بوجود الضغط والقوة والقهر.
وقوله: (بالسلاح) يستوي أن يكون قديماً أو حديثاً، ففي زماننا حمل السلاح مثل المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية، ونحو ذلك من المتفجرات وتلغيم الأماكن، كل هذا يعتبر من الحرابة.
وأيضاً: الأسلحة القديمة التي تسمى الأسلحة البيضاء، فلو حملوا السيوف أو الخناجر أو السواطير، فهذه كلها تعتبر من السلاح عند العلماء رحمهم الله، فإذا أخاف بها السبيل، فأرعب حافلة في سفر أو دخل على محل تجاري جهرة حاملاً للساطور أو السيف وأخذ وفعل ما فعل، فهذا كله يعتبر حرابة.
إذا كان بغير سلاح فمثل الضرب واللكز واللكم، وهذا نص عليه بعض العلماء رحمهم الله، وفي زماننا لو كان يحسن بعض الأعمال الهجومية التي يخيف بها السبيل، فإنه إذا كان يحسن الضرب بيديه أو رجليه وأرعب من في الحافلة بذلك، أو أرعب من في المحل التجاري بذلك وهدده وخوفه أو خنقه، فكل هذا يعتبر من الحرابة.
إذاً: يشترط المصنف وجود السلاح، وعلى هذا الشرط إذا لم يوجد السلاح فليس بحرابة.
لكن من العلماء من قال: السلاح وما في حكمه، وهذا المذهب أقوى.
وقوله: [بالسلاح] الأصل أن حمل السلاح لا يكون إلا في الحرب، وانظر في دقة العلماء رحمهم الله، كيف أن حمل السلاح لا يكون إلا لشخص يحارب، فإذا جاء هذا الشخص، أو جاءت هذه المجموعة حاملة للسلاح على المسلمين في أسفارهم أو بيوتهم ومساكنهم ومحلاتهم التجارية، فقد أعلنت الحرب على المسلمين، فهي محاربة وإن كانت لا تأخذ حكم الحرب العامة؛ لكن انظر كيف نزلت الشريعة! ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حمَل علينا السلاح فليس منا) فلا يمكن أن يحمل المسلم السلاح على أخيه المسلم، ولذلك بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) والعياذ بالله.
إذاً: هذا أمر عظيم، ولذلك عظمت الشريعة حمل السلاح على المسلم، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من حمل السلاح على المسلم فليس منه، فاشترطوا لكي يكون محارباً أن يحمل السلاح على المسلمين، وهذا على التفصيل يستوي فيه القديم والجديد.
والقاضي ينظر في الجريمة والحادثة ونوعية السلاح الموجود فيها، فإذا كان يشترط السلاح نظر فيه وحكم بكونه حرابة، وإلا لم يحكم بكونه حرابة.
والصحيح أن التخويف بالسلاح وما في حكم السلاح له حكم واحد، ومن هنا لو حمل العصا أو الحجارة فقد نص طائفة من العلماء على أنها حرابة، فقد يفعل الحجر ما لا تفعله السكين، وقد تفعل العصا ما لا يفعله السيف، ولذلك لا يختص الحكم بالسلاح المقصود عيناً، فلو أنهم هجموا على حافلة وحمل كل واحد منهم حجراً، وهدد صاحب الحافلة أن ينزل، أو المرأة أن تنزل، أو دخل بيتاً وحمل معه حجراً فهدد رب البيت واعتدى على عرضه جهرة، أو اعتدى على ماله، أو اعتدى على حرمة من حرماته، فكل هذا يعتبر حرابة.
وقد بيّن المصنف رحمه الله اشتراط السلاح، والصحيح أن السلاح وما في حكمه سواء.