حكم استمناء الزوج تجنباً للمشاكل مع زوجته

Q زوجتي تمتنع مني في أكثر الأوقات، فهل يجوز لي الاستمناء، ليس دفعاً للوقوع في الزنا، وإنما تجنباً لوقوع المشاكل بيننا؟ أرجو نصحي؛ أثابكم الله.

صلى الله عليه وسلم أوصي هذه الزوجة أن تتقي الله في نفسها، وأوصي كل امرأة -تخاف الله عز وجل وتتقيه- أن تتقي الله في زوجها، خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فتنه، وعظمت فيه المحن، خاصة على الأخيار والصالحين، فعلى المرأة التي تخاف الله عز وجل أن تحرص على كل الأسباب التي تطفئ الفتنة، وتقفل باب الشر على زوجها من حسن التبعل، وحسن التجمل، وحسن الزينة، بأن تكون على أكمل وأفضل ما تكون عليه الزوجة لزوجها، وأن تتقي الله عز وجل في ولي الله المؤمن، فلا تضيق عليه، خاصة في شهوته؛ خوفاً من الوقوع في الحرام، ولذلك إذا امتنعت المرأة عن زوجها من غير عذر باتت الملائكة تلعنها -والعياذ بالله- في السماء حتى تصبح، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم بهذا إلى عظيم حق الزوج على زوجته، وعظيم الفتنة والبلاء الذي يترتب على التساهل في مثل هذه الأمور، فنوصي الزوجات أن يتقين الله في أزواجهن.

وكذلك على الزوج أن يحسن التجمل لزوجته، وأن يصيبها خوفاً من تعرضها للحرام، ويحرص على السنة، واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإذا حصل من الزوجين أن اتقى الله كلٌ منهما في الآخر؛ فإن الله سبحانه وتعالى سيبارك هذه العيشة.

وأما مسألة: أن يستمني لخوف المشاكل؛ فالنار لا تطفأ بالنار، وما كانت معصية الله عز وجل طريقاً إلى خير أبداً، وإنما هي طريقٌ إلى كل شر، ومن هنا فقد يكون مقصوده أن يغيض زوجته بالاستمناء أمامها حتى تتحرك وتعفه، وقد يكون مقصوده مطلقاً أن يريها أنه لا يبالي، فكلاهما شر؛ لأنه إذا استمنى كان شراً، وإذا استمنى في الخفاء وأشعر زوجته أنه غير مبالٍ، دخل الشيطان على الزوجة وقال لها: إنه لا يحبك، ولا يريدك.

فلا تُعالج النار بالنار، وإنما تعالج بتقوى الله عز وجل؛ فاصبر يصبرك الله، وكن رجلاً شجاعاً، وحتى تكون زوجتك كما ينبغي أن تكون عليه الزوجة فانصحها وذكرها بالله، وخذ بالأسباب ومنها: أنها إذا استمرت على حالها فإن الله أباح لك التعدد، فتزوج عليها يستقم عودها، وإن لم يستقم فيعوضك الله خيراً منها، فأيّة زوجة تلك التي لا تعف زوجها حتى يصبح زوجها يستمني؟! هذه مصيبة، فإذا أصبحت بهذه المثابة، لا تبالي بمشاعر زوجها تجاهها، ولا ترغب أن تعف زوجها عن الحرام وتمنعه عنه؛ فما عليه إلا أن يحضر استمارة التعدد، ولينظر يوماً أو يومين كيف سيكون الحال، فإن المرأة إذا كانت صادقة في محبة زوجها رجعت وأصلحت، فإن أبت وتمنعت فليتبع القول بالفعل، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:227]، وسينظر كيف تكون العواقب؛ لأن هذا درس لها ودرس لغيرها، أنها إذا تمردت على زوجها إلى هذا الحد، فإنه -والحمد لله- قد أحل الله له المرأة الثانية والثالثة والرابعة، هذا كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يغضب علينا النساء؛ لأن هذا إذا ظلمت المرأة زوجها.

وعلى كل حال: فإن الاستمناء لا يجوز، وعليه أن يتقي الله ويصبر ويدعو لها.

ثم هناك أمر أخير أحب أن أنبه عليه: وهو أنه قد يكون ظالماً لزوجته، بمعنى: أن الزوجة تقع في هذه الأمور بسبب أذية زوجها لها في أمور أخرى، فإذا قصر معها في حقوقها ربما أضرته في هذا الحق، ومن هنا نقول للزوج: اتق الله! واتهم نفسك بالتقصير، وحاول أن تنظر ما الذي يغضبها؟ وما الذي أخرجها عن رقتها، وعن حسن تبعلها؟ فقد يكون ظالماً لها في النفقة، أو أنه يهينها، ويتكلم عليها بكلمات جارحة، وقد يتكلم عليها أمام إخوانه وأخواته ووالديه ويذلها، وهنا ننصح الأزواج أن يراقبوا الله عز وجل وأن يتقوه، فإن المرأة -غالباً- تحب زوجها، فإذا قال زوجها الكلمة الجارحة لها أمام والديه أو أمام أخواته فلربما جرح قلبها جرحاً لا يمكن أن يرقأ، فعلى كل إنسان أن يتهم نفسه، وإذا قالت له: أرى فيك العيب الفلاني؛ فعليه أن يصلح هذا العيب.

انظر إلى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حينما قالت له اثنتان من أمهات المؤمنين -تمالؤاً عليه-: إنا لنجد فيك ريح مغافير، فحلف بالله أنه لا يطعم في بيت زينب بنت جحش رضي الله عنهن العسل؛ فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم:1] الله أكبر! انظر إلى هذا الدرس الذي ينصف فيه النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه من نفسه، وكيف أن رسول الأمة والرحمة ما جاء يتعالى على الخلق وإنما يراعي كل شيء، فيحب أن يشم منه الرائحة الطيبة.

وهذا بخلاف ما عليه بعض الأزواج، فقد يأتي إلى البيت نتن الرائحة، ويعاشر زوجته وهو نتن الرائحة، متبذل الثياب، لا يعرف كيف يأتي إلى زوجته يتحببها ويحاول أن يطفئ غريزتها، فأورثها النفرة منه، والكراهية له، والاحتقار له، وكيف يضمن ألا تقع في الحرام وهي تمسي وتصبح تذهب إلى عمل أو وظيفة، ويواجهها الرجال، فهذه أمور تهتز لها القلوب، وإلى متى يكون قلب الإنسان ميتاً، حتى ولو رأى منها إعراضاً تجمل لها وتحسن لها، وأعطها حقها، واجبر خاطرها، فهذه أمور يراها الرجل في فترة ليست بشيء، ولكن المرأة تراها شيئاً كبيراً.

وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يدني المكحلة فيكحل عينيه ويتجمل ويقول: إني أحب أن أتجمل لأهلي كما أحب أن يتجملن لي.

وهذا من الإنصاف، فقد تكون المرأة تأبى على زوجها، وتمتنع عن زوجها لأسباب وجيهة؛ فليراجع نفسه.

ولا ينبغي أن نسمع من طرف ونترك طرفاً آخر، وهنا أنبه على هذه القضية؛ لأن البعض يتساهل في قضية الإعفاف، وبالأخص بعض الأخيار تزهداً -وهذا زهد في غير موضعه- ووالله إن مرضاة الله عز وجل تشترى، وأبواب الله جل وعلا لا تعد ولا تحصى؛ تفضي به إلى جنته ودار كرامته، وواسع رحمته؛ لأنه يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148]، فأبواب الجنة ثمانية، ولكن الخيرات لا تحصى، ولا يحصيها إلا الله وحده، ولو علم أنه إذا نوى لوجه الله أن يعف امرأته كم له من مثاقيل الحسنات حينما يعفها عن الحرام، ولو علمت المرأة أنها كما تتقرب إلى الله بركوعها وسجودها وصلاتها، أنها تتقرب إلى الله بعفة زوجها، فإنها تشتري رحمة الله في ذلك، قال صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟) فالحمد لله على سماحة هذا الدين وكماله.

ولذلك نقول: إن زوجاً يلجأ إلى تعاطي هذا الأمر المحرم -وهو العادة السرية-؛ لا يكون إلا بتقصير من الزوجة، أو يكون هناك تقصير من الزوج دعا الزوجة إلى الوقوع في هذا التقصير، ومن هنا فعلى الجميع أن يتقي الله عز وجل، وأن يأخذ بالأسباب التي تعينه على كف النفوس عن محارم الله وحدود الله، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015