بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط].
بين المصنف رحمه الله حكم الشريعة في حد الزنا، والحدود التي فصلها دليل الكتاب والسنة بالتفريق بين البكر والثيب، ثم ذكر رحمه الله صفة الجلد وصفة الرجم اللذين ثبت بهما الدليل في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد هذا شرع في بيان الشروط التي ينبغي توافرها حتى يحكم بوجوب الحد.
قوله: (ولا يجب) أي: ولا يثبت، والواجب في لغة العرب يطلق بمعنى: اللازم، ويطلق بمعنى: الثابت، وهنا يصح أن تقول: (ولا يجب) يعني: لا يلزم الحد إلا بثلاثة شروط، فحينئذٍ يكون الواجب بمعنى اللازم المحتم؛ لأنه لا يجوز تأخير الحدود، وإذا ثبتت الحدود على الصفة الشرعية؛ فيجب أن تنفذ ولا تعطل، وإما أن تقول: (ولا يجب) يعني: لا يثبت، وكلاهما صحيح، يقال: وجب، إذا ثبت، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36]، وكذلك أيضاً يقال: وجب، بمعنى لزم، كما تقول: هذا واجبٌ عليك، ومنه الواجبات الشرعية.
وقوله: (إلا بثلاثة شروط) أي: لا بد من تحقق هذه الثلاثة الشروط حتى نحكم بوجوب الجلد مع التغريب أو الجلد مع الرجم على التفصيل الذي بيناه.