بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب حد الزنا] معنى الزنا في اللغة لا يختلف عن معناه في الشرع، وقال الشارح رحمه الله: الفاحشة في قبلٍ أو دبر، وعرفه بعض العلماء فقال: هو الوطء في الفرج في غير نكاحٍ ولا شبهة، وبعضهم يضيف: (الفرج المعتبر) خروجاً من وطء البهيمة، ومن وطء المرأة الميتة؛ على القول بأنه لو وطئ امرأة ميتة أجنبية فليس بزنا، فيقول: الوطء في الفرج المعتبر في غير نكاح: فخرج وطء النكاح.
وبعضهم يقول: الوطء في قبل في غير نكاح ولا شبهة، فأخرج اللواط، فإن الوطء في الدبر ليس بزنا من حيث الأصل، ولا يوصف شرعاً بأنه زنا، وإن كان يأخذ حكمه على الصحيح كما سنبين ذلك إن شاء الله تعالى.
وقوله: (ولا شبهة)، وذلك لو أن شخصاً حديث عهد بإسلام، وكان الزنا في بلده مباحاً، أو كان بين الكفار ويظن أن الزنا مباح، فلما أسلم زنى، وظن أنه مباح؛ فهذا عنده شبهة، وهي الجهل بالحكم، وقد تكون الشبهة في المكان والمحل في الموطوءة، أو في الواطئ، فلو أن رجلاً جاء إلى موضع نوم زوجته، وفيه امرأة أجنبية نائمة؛ فظنها زوجته فوطئها، فلا يقام عليه الحد؛ لأن عنده شبهة، والعكس أيضاً لو أن امرأة وطئها رجلٌ، وكانت تظنه زوجاً لها، وتبين أنه ليس بزوجها، فهذه شبهة أيضاً، وكذلك شبهة الإكراه، وهي: شبهة التكليف، على القول بأن المكره ليس مكلفاً، فلو أنها أكرهت على الزنا أو أكره الرجل على الزنا؛ فلا يقام الحد على تفصيل عند العلماء في المكره على الزنا.