قال المصنف رحمه الله: [والمرأة كالرجل فيه إلا أنها تضرب جالسة].
والمرأة كالرجل في الضرب يفرق الضرب على بدنها، ويتقى مقاتلها على القول بأنه يفرق على البدن، وتخالف الرجل أنها تجرد اتفاقاً؛ لأن الرجل اختلف فيه: هل يجرد أم لا؟ أما المرأة فاتفقوا على أنها لا تجرد، وفي مسألة تجريد الرجل ثلاثة أقوال: منهم من يقول: يجرد، وهو قول المالكية رحمهم الله، ومنهم من لا يرى التجريد وهو مذهب الجمهور، ومنهم من يقول: الأمر راجع إلى الإمام إذا رأى المصلحة أن يجرده جرده، وإذا رأى المصلحة ألا يجرده لم يجرده، وهو قول الأوزاعي فقيه الشام رحمة الله على الجميع، والصحيح ما ذكرناه.
وهل تضرب المرأة قائمة أو قاعدة؟ تضرب قاعدة، لأنه أمكن للستر، وهذا قول طائفة من أئمة السلف رحمهم الله.
قال المصنف رحمه الله: [وتشد عليها ثيابها].
هذا أثر عن علي رضي الله عنه، وله أصل في السنة في قصة المرأة التي اعترفت بالزنا، فأمر بها فشدت عليها ثيابها، وفي بعض الألفاظ: أمر بها فشكت عليها ثيابها؛ لأن الشوك مثل الرابط الذي يمنع من انكشاف عورتها أثناء الحركة، فإذا ضممت طرفي الرداء ووضعت الشوكة بينهما؛ انحبس الرداء وامتنع من الانكشاف، فلفظ: فشكت عليها ثيابها يعني: أنه جعل فيها الشوك بمثابة الرابط لطرفي الثوب الذي عليها ليمنعها من التكشف، وهذا واضح الدلالة على أنه يطلب سترها أثناء إقامة الحد عليها؛ لأنها تضطر إلى الحركة فتنكشف عورتها، فيؤخذ بالأسباب المانعة من انكشاف عورتها.
قال المصنف رحمه الله: [وتمسك يداها لئلا تنكشف].
لأنها إذا ضربت وتحركت فإنه قد يحصل منها انكشاف، فقوله: وتمسك يداها، من درء المفاسد، فالمرأة عورة، وانكشافها مفض للوقوع في الفتنة، فيخرج الناس من الاعتبار بالنظر إلى الفتنة، وهذا خلاف مقصود الشرع، وهو أن يكون النظر موجباً للاتعاض والاعتبار.