Q سائلة تقول: لي والد عاجز لا يستطيع أن يقوم على شأنه من جهة إزالة الحدث، ورفضت أمي القيام على شأن والدي، وكذا إخوتي، فهل يجوز لي أن أقوم بتطهيره، وقد يؤدي ذلك إلى الكشف عن عورته والنظر إليه، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: لا ينبغي للأم أن تمتنع؛ لأنه لا أحد أقدر على النظر إلى عورة الرجل من زوجته، والله إنه لأمر يُقرح القلوب أن يكون العشير مع عشيره، حتى إذا ضعف بدنه وخارت قواه وشاب رأسه ورق عظمه، نسي العهود التي بينه وبينه.
فعلى هذه الأم أن تتقي الله عز وجل، وعلى هذه البنت أن تذكرها الله، وأن تذكرها حق الزوج، إذا كان عندها القدرة على القيام بحقه، فأوصيها بتقوى الله عز وجل، وأن تحسن إلى بعلها، وأنه جنتها ونارها.
ثانياً: إذا عجزت الزوجة، فيجب على الذكر من الأبناء أن يتولى تنظيف والده؛ لأنه لا يجوز للأنثى أن تُغسل الرجل ما لم تكن زوجة، وهذا أصل، ولذلك الميت إذا مات ولو كان عنده أخواته ولم يشهد موته إلا النسوة ييمم، تعظيماً لأمر العورة.
فكون البنت تلمس عورة أبيها لا يجوز، وإنما الذكر يغسل الذكر، والأنثى تغسل الأنثى، وهذا هو الأصل المقرر عند أئمة الإسلام، وعليه العمل والفتوى، فأوصي هؤلاء الإخوان أن يتقوا الله عز وجل، وأن يتذكروا حق والدهم وأن يرحموا ضعفه وحاجته، وأن يتذكروا حينما كانوا صغاراً كيف كان يحملهم بيديه ويحسن إليهم ويتولاهم، ويقوم برعايتهم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وعليهم أن يتقوا الله عز وجل حتى ولو بالتناوب، فينوب بعضهم بعضاً، وكل شخص يكون له يوم يرعى فيه والده، وأي شيء أعظم من بر الوالدين، من الناس من بر والديه فتمنى أن يقضي حاجة والده بيده حتى ينال شرف الذلة للوالد {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24]، وفي ذلك قصص يعرفها الناس، وسارت بها الركبان، تبتهج بها النفوس، وتنشرح بها الصدور؛ من كمال بر الأولاد لوالديهم، فعلى الأبناء الذكور أن يتقوا الله عز وجل، وأن يقوموا برعاية هذا الوالد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.