قال رحمه الله: [قريبهم وبعيدهم] قوله: (قريبهم وبعيدهم) نبدأ بالأقربين، إذا اكتفوا بهم، خاصة إذا كان فيهم غنى ويسار وتحملوا الدية، وقالوا: نحن نتحمل، فمثلاً: لو أن شخصاً لزمته دية في قتل الخطأ، وكان له، ثلاثة أعمام أشقاء، أو ثلاثة أعمام أشقاء ولأب، وهم أغنياء أثرياء فقسموا هذه الدية بينهم، وقالوا: نتحملها، سقطت عن الأبعد، ولزمت هؤلاء، لكن لو لم نكتف بالأعمام، فحينئذٍ ننتقل إلى بني الأعمام وبني بني الأعمام، وإذا كان الأعمام في درجة الجد، فإنه ينتقل إلى أعمام الأب وأعمام الجد وأعمام جد الجد وبنيهم، يعني: لو كان لهم نسل وذرية، فهؤلاء كلهم قريبهم وبعيدهم يستوون في فرض العقل.
وهذا من نعم الله عز وجل على المسلمين، وما كانت تعجزهم هذه الحقوق، ثم انظر رحمك الله! إذا أعان القريب قريبه في حال الخطأ كيف تجتمع القلوب! وكيف تتآلف وتتكاتف وتتعاطف! ويحصل بينها المحبة والتواصل! وهذا مقصود الإسلام: أنه يحرص على ربط الناس بعضهم ببعض، فكيف إذا كانوا أقرباء؟! فلو أن إنساناً مثلاً: يقود سيارته ومعه أشخاص وحصل له حادث وتوفي هؤلاء الأشخاص، ثم جاء أقرباؤه وتحملوا الديات، كيف يكون أثرها في نفس هذا الشخص؟ وكيف يحب جماعته وقرابته ويتصل بهم؟ إذاً الإسلام يقوي هذه الوشائج، ويقوي هذه الصلات، ويذكر القريب بحق قريبه عليه، ولا شك أن في هذا خيراً كثيراً، مع أن فيه تحملاً للمسئولية وتحملاً للضرر؛ لكنه يحدث شيئاً من المحبة والترابط بين أفراد المجتمع، ناهيك عن القرابة الذين هم أولى وأحق من يكون بينهم ذلك.