Q وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ ما الدليل على أن العبرة بالتغيير باللون أو الطعم أو الريح، وأنه بذلك تعرف النجاسة؟
صلى الله عليه وسلم عندنا دليلان: دليل شرعي ودليل حسي.
أما الدليل الشرعي: فهو موجود، وهو أن الإجماع منعقد على أن الماء إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجس أنه نجس، وحكى هذا الإجماع غير واحد، منهم الإمام النووي في المجموع، والإمام ابن المنذر في الإشراف، وحكاه الإمام ابن قدامة في المغني، وحكاه كذلك صاحب البحر الزخار وغيرهم، فحكموا أن الماء المتغير لونا أو طعماً أو ريحاً بنجاسة يحكم بنجاسته، وهناك رواية من حديث أبي سعيد: (الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه) وهي ضعيفة، ويقول العلماء: إنها ضعيفة السند صحيحة المتن، وهذه من أمثلة الحديث ضعيف السند صحيح المتن؛ لأن الحديث قد يكون صحيح المتن، كما لو جاء حديث في فضل الصلاة وله أصل في الصحيح، فنقول: إن المتن صحيح لوجود أصله، لكن سنده ضعيف، فنحكم بضعف سنده لا معناه، ولذلك تجد العلماء رحمهم الله كـ شيخ الإسلام يقولون: وهذا حديث ضعيف لكن معناه صحيح.
وكذلك الحديث الذي معنا: (إلا ما غير لونه ... )، فهذا دليل الشرع والإجماع المنعقد.
ومن قال: إن الماء الذي خالطته نجاسة وأصبح لونه لون النجاسة، أو طعمه طعم النجاسة، أو ريحه ريح النجاسة، أنه ماء طهور، فهذا يعتبر شاذاً عن الإجماع، ومتبعاً غير سبيل المؤمنين، نسأل الله السلامة والعافية.
إياك والشذوذ عن إجماعات العلماء رحمة الله عليهم! فإن الخير في اتباع من سلف، والشر كل الشر في اتباع من خلف.
أما الدليل الحسي: فإن هذا الماء الذي أنزله الله من السماء، إن بقي على أصل خلقته فهو الماء الذي شرع الله له أن يتطهر به، وإن لم يبق على أصل خلقته وتغير، فحكمه حكم ما غيره، ألا ترى أنك تقول: ماء زعفران، ماء ورد، فتعطيه حكم ما غيره، فدلالة الحس معتبرة كما أن دلالة الشرع معتبرة، بشرط ألا تصادم دلالة الحسن النقل الصحيح المعتبر.