Q سراية الجناية على النفس أليست من قبيل قتل الخطأ؛ لأنه لم يرد قتله، ولكن سرى الجرح فقتله؟
صلى الله عليه وسلم لا، فليت القضية هنا قضية قتل خطأ، فهذا رجل جاء بالسكين وقطع أصبع المجني عليه، أو قطع يده، أو قطع رجله، فهو جان متعمد قاصد للضرر، وهذا الضرر استفحل حتى أتى على النفس، فيتحمل هذا الضرر كاملاً؛ لأن الموت حصل بهذه الجناية، وحصل بهذا الفعل، والدليل على ذلك: أن جرح أي موضع من البدن لا يؤمن معه أن يفضي إلى البدن كله، وعلى هذا فإنما ينظر إلى وجود العمد العدوان، فالنفس محرمة، والاعتداء على عضو منها لا يؤمن معه سريانه إلى جميع البدن، فيُحمل المعتدي المسئولية عن البدن كاملة، وإلا لضاعت الحقوق؛ إذ ما على الشخص إلا أن يأتي بسكين مسمومة، ويقطع بها أصبعاً، ويتركها حتى يموت المجني عليه.
فإيجاب ضمان السراية هذا ضبطٌ لحقوق الناس، وزجر عن الفتنة، وحسم لمادة الشر، ولو أن شخصاً وخز شخصاً بسكين في موضع وربطه، أليس من المحتمل أن ينزف جرحه حتى يموت؟ ففي بعض الأحيان الضرر البسيط على البدن قد يأتي على البدن كله، فمادام أنه قد أضر به ضرراً يأتي على النفس، فيتحمل مسئولية هذا الضرر، وعلى هذا فإننا لو حكمنا بالقصاص فما ظلمنا الجاني؛ بل فعلنا به مثل ما فعل بأخيه، فاستوى أن يكون ذلك بالطرف، أو يكون فيما هو مقتل، والله تعالى أعلم.