قال رحمه الله تعالى: [ويُقِيم من أذن في مكانه إن سَهُل].
كانوا في القديم يؤذنون خارج المسجد، وقد فعل ذلك بلال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أذَّن على سطح بيت الأنصارية، كما جاء في رواية السنن أنه كان يؤذن الفجر على بيت الأنصارية، وكان يؤذن على باب المسجد كما يدل عليه حديث: (لا تسبقني بآمين)، فقد قال بلال للنبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبقني بآمين)، قالوا: لأنه كان يؤذن ويقيم خارج المسجد، فإذا أذن وأقام داخل المسجد لم يُسمع أذانه ولم تُسمع إقامته، ولذلك قال: ويقيم من أذن في مكانه إن سهل).
لكن إن عسُر عليه أن يُقيم في مكان الأذان أقام داخل المسجد، ولكن السنة أن يقيم في مكان الأذان كما ذكرنا في حديث بلال، ووجه دلالة حديث: (لا تسبقني بآمين) أنه كان يقيم خارج المسجد، فيكبر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، فلا يستطيع أن يدرك آمين في بعض الأحيان، وذلك للمكان الفاصل، خاصةً على القول أنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند قوله: (قد قامت)، فلربما بلغ آخر الإقامة مع مشيه من موضع الإقامة إلى داخل المسجد وقد فاتته الفاتحة، وقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مرتلة، ولذلك قال له: (لا تسبقني بآمين)، فإنه ربما فاته التأمين لفاصل المكان.
ومن أذن فيقيم، قال بعض العلماء: لا يقيم إلا من أذَّن كما هو موجود في مذهب الحنابلة ودرج عليه المصنف، وقال بعضهم: يجوز أن يقيم غير المؤذن، وفي هذا حديث ابن ماجة: (أن أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم)، وهو حديث ضعيف؛ لأن فيه عبد الرحمن بن أبي زياد الأفريقي.
وقال بعض العلماء: إن الأمر واسع لو أراد أن يُقيم أحد غير المؤذن.
وهذا فيه نظرٌ، فإن كان الذي أذَّن موجوداً فإنه أحق بالإقامة؛ لأنه تولى الأمر من بدايته، فليس من حق أحد أن يدخل عليه لكنهم استثنوا المؤذن الراتب إذا تأخر عن الأذان وحضر عند الإقامة بقي حقه في الإقامة، وإن كان قد سقط حقه في التأذين بسبب التأخير فيقيم، فهو أحق بالإقامة.