قال رحمه الله تعالى: [غير مستدير ملتفتا في الحيعلة يميناً وشمالاً].
أي: أنه لا يستدير بجذعه، ولكن يحرف وجهه يمنةً ويسرةً ولا حرج في ذلك، والدليل على أنه في الحيعلتين يلتفت يميناً وشمالاً ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه وأرضاه، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، فخرج بلال بوضوئه فمن نائل وناضح قال: وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يميناً وشمالاً حي على الصلاة حي على الفلاح).
وفي هذا الالتفات وجوه، قال بعض العلماء: يلتفت عند بداية الحيعلة، ويختم الالتفات عند ختم الحيعلة يمنةً، مثال ذلك: أن يقول: (حي على الصلآة)، فينتهي من آخر اللفظ عند بلوغ كتفه ملتفتاً.
فهذا وجه.
والوجه الثاني: أن يقول: (حي على الصلاة) ويرجع إلى الاستقامة.
والفرق يين القول الأول والثاني زيادة الثاني بالرجوع إلى القبلة عند انتهاء الحيعلة.
وأما في الالتفات فقال بعض العلماء: ينادي (حي على الصلاة) يميناً (حي على الصلاة) شمالاً، (حي على الفلاح) يميناً، (حي على الفلاح) شمالاً.
وهذا اختيار بعض العلماء رحمة الله عليهم، وهناك قول ثانٍ أنه يحيعل على الصلاة يميناً، وعلى الفلاح شمالاً، وكلٌ منهما له وجه؛ لأن الحديث أطلق، وكلٌ على سنة سواءً، أفعل هذا أم هذا، ولكن الأقوى أن يجمع بين الاثنين؛ لأن المراد الإعلان.
وشرع الالتفات مع الحيعلة ولو وجد المكبر؛ لأنها عبادة، والعبادة توقيفية لا يُنظر إلى إسقاطها عند اختلال المعنى، فلا يستطيع الإنسان أن يجزم أن المراد بذلك علة معينة، فيبقى على الأصل من كونه عبادة، فإذا كانت عبادة استوى في ذلك وجود مكبر الصوت وعدم وجود مكبر الصوت، فيلتفت على كل حال.
قال رحمه الله تعالى: [قائلاً بعدهما في أذان الصبح: (الصلاة خير من النوم) مرتين] بعد الحيعلتين في أذان صلاة الصبح يقول: (الصلاة خيرٌ من النوم) وهو توجيه وإرشاد، وكلمةٌ عظيمة تشحذ الهمم تناسب الحال، فهي من المقال المناسب للحال؛ فإن الإنسان تعلوه سكرة النوم، فإذا سمع نداء الله عز وجل أن الصلاة خيرٌ من النوم تلهَّفت نفسه، واشتاقت لإيثار مرضاة الله عز وجل على هوى النفس، وقد جاء في مشروعيتها حديث سعيد بن المسيب في روايته عن بلال رضي الله عنه، وتكون بعد الحيعلتين.