ثانياً: أن يعلم كونه آدمياً، فلو أنه رأى شيئاً فظن أنه حيوان أو ظبي أو وعل -كأن يكون في البر- فرماه فوجد أنه آدمي، أو رأى شخصاً نائماً فظنه حيواناً -صيداً- فقتله، أو ظنه سبعاً مفترساً فقتله، فإنه لم يقصد آدمياً معصوم الدم، ولم يرد قتل الآدمي، وإنما أراد قتل السبع ليدافع عن نفسه، أو أراد قتل حيوان صيداً.
إذاً يشترط وجود القصد، وأن يكون المقصود آدمياً، فخرج قتل الحيوان، فإذا قتل حيواناً فلا يوجب القصاص.
وخرج بقوله: (معصوماً) غير معصوم الدم، كأن يكون حربياً، ففي الجهاد إذا قتل المسلم الكافر فإنه قتل غير معصوم، فلا يوجب هذا القتل قصاصاً عليه.
إذاً: الشرط الأول: القصد للقتل.
والشرط الثاني: أن يكون المقصود والمقتول معصوم الدم، فخرج غير معصوم الدم.
ومن هنا فلو صال على الإنسان شخص يريد أن ينتهك عرضه، أو يريد أن يقتله، فجاء ودفعه وعلم أو غلب على ظنه أنه إذا لم يقتله فسوف يقتله أو يؤذي عرضه، ولا مناص من الخروج من هذا البلاء إلا بقتله فقتله -كما سيأتينا في دفع الصائل- فإنه لا يعتبر قتل عمد وعدوان؛ لأن هذا الصائل أسقط حرمته بالاعتداء على أعراض الناس؛ لأنه أصبح غير معصوم بهذا الاعتداء، فإذا أراد شخص أن يقتل شخصاً فجاءه وشهر السلاح عليه, فهذا الذي شُهر عليه السلاح مظلوم، فأراد أن يدفع عن نفسه فرفع السلاح وعلم أنه إذا لم يقتله فسوف يقتله، فإنه قد قتل غير المعصوم، فخرج الحربي وخرج الصائل لعدم عصمة دمهما.