تقدم أن النفقة من الحقوق التي أوجبها الله عز وجل على المسلم، وأن هذا الحق له أسباب تقتضيه وتوجبه، وهذه الأسباب تتنوع في الشريعة الإسلامية، وهناك ثلاثة أمور مهمة ينبني عليها الحكم بوجوب النفقة: الأول: ملك النكاح.
والثاني: ملك اليمين.
والثالث: البعضية والقرابة.
فهذه ثلاثة أسباب توجب النفقة: إما من جهة ملك النكاح؛ لأن الرجل يملك الاستمتاع بالمرأة.
وإما ملك اليمين؛ كما قال تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3]، والرقيق والعبد والمملوك محبوس لخدمة سيده، كما أن المرأة محبوسة لزوجها، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنهن عندكم عوان)، والعوان: هو الأسير المحبوس، فالمرأة مملوكة بالنكاح محبوسة لحق الزوج، وملك اليمين -الرقيق- مملوك لسيده ومحبوس لمصالحه.
وكذلك القرابة والبعضية توجب النفقة.
فهذه ثلاث جهات ينبني عليها الحكم بوجوب النفقة.
والمصنف رحمه الله قد بيّن لنا ما يتعلق بوجوب النفقة من جهة الزوجية، وهي ملك النكاح، وشرع الآن في بيان جانبين؛ الأول منهما يتعلق بالقرابة والبعضية، والثاني يتعلق بملك اليمين.
وكلا الجانبين وردت فيه نصوص في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينت بعض الأمور والمسائل والأحكام المتعلقة به.
يقول رحمه الله: (باب نفقة الأقارب والمماليك) أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل والأحكام التي تتعلق ببيان النفقة الواجبة من جهة القرابة، والنفقة الواجبة من جهة ملك اليمين.