قوله: [ومرضه] أي: ولو مع مرض الزوج، فإذا كان الزوج مريضاً، لا يمكن أن يطأ، أو كان صغيراً فالوطء منه ليس كما إذا كان كبيراً، فبين رحمه الله أننا لا نلتفت إلى العذر، بل نلتفت إلى أن المرأة لها حق النفقة متى مكنته من نفسها وسلمتها إلى هذا الزوج، مالمانع منه لا يعنيها، كما أن الأجير إذا مكن نفسه ممن يستأجره فإنه يجب عليه أن يدفع له أجره.
قوله: [وجبه] قد تقدم أنه من العيوب، فلو كان مقطوع الذكر لا يتأتى منه أن يجامع ففي هذه الحالة تلزمه النفقة؛ لأن النفقة ليست قضيتها قضية الجماع فقط، بل ولأن المرأة أسيرة عند الزوج، كما قال صلى الله عليه وسلم: (فإنهن عندكم عوان) وهو يقتضي ثبوت حق النفقة، ولذلك قد تكون المرأة عند زوجٍ لا يأتيها ككبير السن ونحو ذلك، فلا يشترط أن يكون قادراً على الجماع، فالعبرة بكون المرأة مكنت من نفسها، وسلمت نفسها إلى الزوج.
قوله: [وعنته] هذا أيضاً من العيوب، ومراده أن يقول: إذا كان العيب موجوداً في الزوج وقالت الزوجة: مكنتك من نفسي، أو سلمها أولياؤها إليه، ففي هذه الحالة لا يعنينا وجود العيب فيه أو العذر، والذي يهمنا هو أن للمرأة حقاً، وهو أنه متى مكنت الزوج من نفسها بغض النظر عن كونه يقدر كالكبير الصحيح القادر على الوطئ، أو لا يقدر كالصغير أو المجبوب أو من به عنة -وهو من لا ينتشر عضوه- وقد بينا هذا في عيوب النكاح، فهؤلاء كلهم فيهم عيوب تمنع الوطء.
ونحن بينا أن العلة ليست أن يجامع أو لا يجامع، فإذا مكنت من نفسها وسلمت إلى زوجها وجب حقها في النفقة، ووجب عليه أن ينفق عليها بالمعروف، وبينا أن هذا مبني على الأصل، وليس الجماع هو المعول عليه من كل وجه؛ إنما العبرة بكون المرأة سلمت ومكنت الزوج من نفسها.