حكم من أكل ولم يعلم بدخول الفجر

Q شخص استيقظ من الليل، فشرب وأكل، يظن الفجر لم يؤذن، وعندما انتهى سمع إقامة الصلاة، فظهر له أنه أكل بعد الأذان.

فماذا عليه؟

صلى الله عليه وسلم ينبغي أولاً على الإنسان أن يحتاط، فإذا أمكنه أن يسأل، أو أمكنه أن يرجع إلى الساعة، أو أن يتحرى؛ لزمه، لأن حق الله عز وجل في هذا الوقت أن تمسك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فينبغي الاحتياط في حق الله، أما أن يقوم ويدعي أنه لا يعلم شيئاً، ثم يذهب إلى طعامه وشرابه ويأكل، وبعد أن يأكل يبحث هل دخل الفجر أو لا، لا يجوز، فلا يرضى أحد لحقه أن يضيع بهذا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (إن الله لا يخادع) يعني: لا يخدع أحد ربه بهذا، ويذهب بعض الذين يترخصون ويقول: لا يلزمه أن يسأل بل يأكل ويشرب، ثم يسأل! وقد قال صلى الله عليه وسلم: (فدين الله أحق أن يقضى).

هذا في الحج، فبين أن حق الله عز وجل لا يتساهل فيه، فهذه حرمات ينبغي حفظها، وحدود، ولذلك ذكر الله عز وجل بعد الصوم أنه من حدود الله، وأن علينا أن نتقي الله عز وجل، فذكر حدوده، وأمر بتقواه سبحانه وتعالى، وأن لا نقربها، فالواجب على المسلم أن يتحرى، وأن يصبر، ولعل الله عز وجل أن يبتليه في تلك الليلة فيقوم بعد ما أذن الفجر فلا يعلم مقدار أجره وصبره إلا الله وحده لا شريك له.

الصوم وحده من الأعمال التي لا يعلم ثوابها إلا الله وحده لا شريك له: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).

قالوا: جعله مفتوحاً؛ لأنه يقوم على الصبر، والله يقول عن الصبر والصابرين: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].

وكان بعض العلماء يقول: إن من أجره: أن لو صام عبد وصدق في صومه، وأتم لله الصوم، فقامت عليه الحقوق كَثَّر الله أجر الصيام، حتى تقضى عنه الحقوق والمظالم؛ لأنه قال: (فإنه لي وأنا أجزي به).

وإذا كان الصوم بعناء، ومشقة، وكدح، وابتلاء، فأجره أعظم، وثوابه عند الله أجل، وأكبر، والصوم بتقوى، وخوف، وورع، بأن يتحرى، ويلزم نفسه الموارد، ولا يضع نفسه في الأمور المشتبهة، فهذا أعظم أجراً عند الله سبحانه وتعالى، وأثقل في ميزان العبد، وأتقى لله عز وجل؛ ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضله سلباً وإيجاباً، ففي الإيجاب عظيم أجره حينما قال: (إلا الصوم فإنه لي).

هذا في الثواب، وأما في دفع الأشياء، ودفع الضرر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (الصوم جنة).

والجُنة: الوقاية، قالوا: إنه جُنة للعبد من النار، فإذا مضى على الصراط؛ فإنه لا يحفظه شيء بعد الإيمان بالله عز وجل مثل إقامته للصوم على أتم وجهه وأكمله، فإذا كانت الجُنَّةُ مخروقة، أو فيها تضييع، فحينئذ يأتيه من كلاليب النار، وخطفها، وخدشها، على قدر ما ضيع من جنته والعياذ بالله.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتولانا برحمته، وأن يجبر كسرنا، وأن يرحم ضعفنا، وأن يتولانا بما تولى به عباده الصالحين، ونسأله بعزته، وجلاله، وعظمته، وكماله، أن يجعلنا وإياكم ممن صام الشهر فاستكمل الأجر، وأدرك ليلة القدر، وأفضل له ربه من الخير، والفضل، والأجر، والإحسان، والبر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015