Q امرأة أرادت أن تخالع زوجها وليس لديها ما تخالع به، فاقترضت من رجلٍ قدر مهرها ولكن المقرض اشترط أنه إذا شاء تزوجها بهذا القرض، فما حكم هذه المسألة؟
صلى الله عليه وسلم لا يجوز هذا؛ لأن هذا يدخل في تخريب المرأة على زوجها، وإذا فتح هذا الباب أمكن لكل شخص له غرض في امرأة أن يقول لها: أنا أعطيك صداقه واختلعي منه وما أعطيته لك فهو لك صداق، وبهذا تفسد بيوت المسلمين، وتدمر الأسر، وتشتت العوائل، وفي هذا من البلاء ما لا يخفى.
والمرأة إذا أرادت أن تقترض تقترض على الوجه المعتبر للقرض، وهي امرأة في عصمة رجل، فلا يجوز لأحدٍ أن يغريها، ولا يجوز لأحد أن يدفعها إلى ذلك بالإغراء المادي وأنه متكفل بكل شيء، إلا إذا كان أخاً من إخوانها أو قريباً من قرابتها رأى الظلم عليها والأذية، ورأى أنها يخشى عليها الفتنة، وزوجها مقصر في حقها أو كذا، وليس هناك طريق غير الخلع.
فقال لها: أنا أعينك وأساعدك وأقف معك حسبة وقياماً بالحق.
وبالمناسبة: الخلع حقٌ من حقوق النساء، ولكنه للأسف -خاصة في هذه الأزمنة- ضيع عند كثير إلا من رحم الله، حتى إن بعض من يرفع إليهم أمر الخلع من القضاة وغيرهم لا يجريه على السنة، وهذا أمر يحتاج إلى أن يتقى الله عز وجل فيه، المرأة إذا جاءت تشتكي ولا تريد أن تعاشر زوجاً تمكن من الخلع، ولا يجوز تأخيرها ومماطلتها والضغط عليها.
إذا ما أرادت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم.
قال: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) فكما أن الرجل يطلق متى شاء وكيف شاء، فالمرأة من حقها أن تترك الزوج إذا لم ترغب فيه، وليس لها محبة له، وقل أن تخالع امرأة زوجها، والخلع له وجهين: إما أن الرجل فيه شيء من العيوب موجب للخيار، أو أمور ليست بعيوب موجبة للخيار -أي: دون الكمال- والمرأة خافت على نفسها الحرام، فتخالع زوجها، ولا يجوز أن تماطل المرأة في ذلك، وأعرف بعض القضايا جلست المرأة سنة كاملة وهي تطالب بالخلع ولا مجيب، وهذا مخالف لشرع الله عز وجل، فالمرأة إذا جاءت تطالب وهي مستعدة أن تؤدي للرجل حقه فهذا حق من حقوقها، وتمكن من حقها.
ولا شك أن بعض القضاة يجتهد -جزاه الله خيراً- ويقول: ربما تكون سفيهة، أو طائشة، لكن لا يجوز هذا، وهذا خلاف السنة، وهذا اجتهاد مع النص، والنص جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) وقد أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (يا رسول الله! إني لا أعيب في ثابت خلقاً ولا ديناً، ولكني أخاف الكفر بعد الإسلام) امرأة من الصحابة وفي عهد النبوة وفي خير القرون تقول: (يا رسول الله! ولكني أخاف الكفر بعد الإيمان) ولذلك بادر النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها حقها.
إذاً: المرأة لها أن تخالع ولكنها لا تعان على سبيل التخريب والإفساد، فيقال لها: زوجك لا يصلح، ما رأيك لو أعطيتك، هذا ماذا تريدين من عنده؟! ما عنده وظيفة، ما عنده كذا، فهذا من باب الإفساد والتحريش؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول في هذا وأمثاله: (لعن الله من خبب امرأة على زوجها) ومن لعنه الله لم يبق شيء في الأرض ولا في السماء إلا لعنه، وهذا أمر عظيم جداً.
فلا يجوز إفساد نساء المؤمنين على أزواجهن، وعلينا أن نتقي الله عز وجل، وإذا أراد أن يساعدها بالمعروف فجزاه الله خيراً، أما إذا كان على سبيل الإفساد؛ فإنه محرم ومنكر، وكبيرة من الكبائر، والله تعالى أعلم.