قال رحمه الله: [للحرة أربعة أشهر وعشراً وللأمة نصفها].
هذه العدة للحرة.
أي: للمرأة الحرة أربعة أشهر وعشرا كما في نص الآية التي سبقت، وكذلك حديث أم حبيبة رضي الله عنها في الصحيحين، فقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن عدة المرأة أربعة أشهر وعشرا، وفرق المصنف رحمه الله بين الحرة والأمة، فالأمة في مذهب الجمهور تكون على التشطير في عدة الوفاة، وهذه المسألة خالف فيها بعض أئمة السلف رحمهم الله وقالوا: عدة الوفاة تستوي فيها الحرة والأمة كما هو مذهب الظاهرية، والذي يظهر من ناحية الدليل أن أصح القولين مذهب الظاهرية؛ فإنهم لا يقولون بالتشطير، وفي مذهب مالك أيضاً ما يدل على ذلك، وهذا القول ألزم للأصل، وأقعد للسنة بالدليل، فالكتاب والسنة على أن المرأة حرةٌ كانت أو أمة تعتد بهذه العدة وهي أربعة أشهر وعشرا؛ لأن ظاهر القرآن لم يفرق، وكذلك ظاهر السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيبقى على هذا الظاهر، والحنابلة ومن وافقهم رحمةُ الله عليهم ألحقوا هذه المسألة بعدة الطلاق فقالوا: لما كانت الأمة تعتد في طلاقها على النصف فكذلك في عدة الوفاة، وفي الحقيقة أن عدة الوفاة جانب التعبد والقياس فيها أضيق، ثم إن مسألة تشطير عدة الطلاق سيأتي -إن شاء الله- الكلام عليها وفيها ما فيها، وبناءً على ذلك يكون هذا من باب رد المختلف فيه إلى غير المختلف فيه، وظواهر النصوص على أن عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا بالنسبة للمرأة حرةً كانت أو أمة.