(وإن كان -النكاح- باطلاً وفاقاً) يعني: ما اتفق العلماء على إبطاله، هل تعتد فيه للوفاة؟! العدة هي في الأصل متفرعة عن حرمة الزوجية وشرعيتها، أما إذا كان النكاح باطلاً كنكاح المتعة فهو باطل بالاتفاق، فلو نكحها نكاح متعة وظنه نكاحاً شرعياً، فنقول: تلزم العدة إذا طلقها، أو فارقها، أو فسخ القاضي عقد النكاح من أجل فساد العقد، ثم بعد ذلك نقول،: لا تعتد لو توفي عنها؛ لأنه ليس هناك حرمة زوجية؛ لأن عدة الوفاة في حق الزوج وحرمة الزوجية وهي ليست قائمة في مثل هذه الحال، لكن بالنسبة للعدة من جهة الفسخ قالوا: إنها مترتبة لبراءة الرحم أو لشبهة، ولذلك في العدة -كما سيأتي معنا- أن الحكمة عقلاً: براءة الرحم ونحوها، وفيها جانب التعبد، فأنت ترى الرجل كبير السن ربما يبقى عشرات السنين في آخر عمره مع زوجته لا يطؤها ولا يأتيها، ومع ذلك إذا توفي تعتد، وإذا طلقها تعتد مع أنه لا وطء، لكن الشرع يحكم بالعدة في هذا، فهذا جانب تعبدي، مع أن التعليل المعقول هو براءة الرحم، ودل عليه قوله سبحانه: {طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49]، فنبه على أن العلة فيها براءة الرحم، وقال في آية العدة: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة:228]، فجعل الحكمة من العدة: براءة الرحم.