قال المصنف رحمه الله: [من ولدت زوجته من أمكن كونه منه لحقه].
(من ولدت زوجته) هذا شرط أن تكون زوجة له، والأصل أن يكون الزواج زواجاً شرعياً صحيحاً، فلا إشكال حينئذ في نسبة الولد للوالد، وأيضاً لو كان الزواج فيه خطأ ويعتقد أنه زواجٌ شرعي، مثل أن ينكح نكاح الشغار ويظن أنه نكاح صحيح، يزوج هذا بنته على أن يزوجه الآخر بنته ويقع النكاح بينهما ثم يولد لأحدهما، فينسب الولد إلى والده مع أن النكاح محرمٌ شرعاً ولا يجوز، فإذا كان في نكاح صحيح، أو نكاح فاسد وعنده تأويلٌ ويظن أنه صحيح؛ فإن الولد يلتحق به، أو نكح المرأة بدون إذن وليها ويظن أن هذا جائز، ولا يعتقد اشتراط الولي وهذا مذهب الحنفية رحمهم الله فالعقد فاسد، لكن الولد يلتحق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي)، كما تقدم معنا في باب النكاح.
فالشاهد أنه إذا كان الولد ناتجاً عن وطء في نكاح صحيح أو نكاح فاسد أو ناتجاً عن وطء شبهة -هذه ثلاث صور- فإن الولد يلتحق، ووطء الشبهة مثل أن يأتي شخص إلى امرأة يظنها زوجته وتظنه زوجاً لها، ويطؤها على خلوٍ وبراءة ثم بعد ذلك يتبين أنها ليست بزوجته وتحمل من هذا الوطء، فالولد ينسب لهذا الواطئ، ويكون وجود الشبهة موجباً لدرء الحد.
كذلك لو تزوج أختاً له -نسأل الله العافية- من الرضاع وهو لا يدري، ثم بعد عشر سنوات أو عشرين سنة تبين أنها أخته من الرضاع، فيفرق بينهما، ويعذر لعدم علمه وجهله بالحكم، ثم ينسب جميع الأولاد الذين ولدوا إليه، وحكم من ولدت زوجته في نكاح صحيح أو نكاح فاسد حكم الموطوءة بشبهة.
وقوله: (ولدت من أمكن): عندنا ضابط يتعلق بالزوج، وضابط يتعلق بالموطوءة التي هي الزوجة، فمعنى الإمكان الذي ذكره المصنف رحمه الله أنه لابد وأن يكون الزوج ممن يمكن أن يولد لمثله، فقد يكون زوجاً لا يمكن أن يولد لمثله، مثلاً قال: أريد بنتك -يخاطب شخصاً آخر- فلانة لابني محمد، ومحمد عمره سبع سنوات، قال: قبلت، وعقد النكاح بينهما، ثم إن هذه البنت حملت! ابن سبع سنوات وثمان سنوات لا يمكن أن تحمل المرأة منه ولو وطئها، فمثله غير داخل في الإمكان، فهناك إمكان جرت العادة والحس بإمكانه.