وقوله: (أو مكرهة): أي: وطئت مكرهة، إذا أكرهت المرأة على الزنا فجماهير العلماء رحمهم الله أنه لا يقام عليها حد الزنا، وأنها لا تأخذ حكم الزانية؛ وذلك لأنها إذا أكرهت سقط التكليف عنها، والله تعالى يقول: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل:106]، فلو أن امرأة توافرت شروط الإكراه فيها، وقد ذكرنا هذه الشروط في طلاق المكره، وقلنا: إن من شرط الإكراه أن يكون الشيء الذي تهدد به أعظم من الشيء الذي يطلب منها، فالقتل أعظم من الزنا، فلو قيل لها: إذا لم تزني قتلناك أو قتلنا ولدك، وعلمت أنه سيقع هذا الشيء الذي هددت به، ولا يمكنها أن تستصرخ ولا أن تستنجد، فمكنت من الزنا بها، ولكنها كارهة بقلبها غير مطمئنة، فهذه توافرت فيها شروط الإكراه، فجاء زوجها وقال لزوجته: وطئت مكرهة، فاشتكته عند القاضي وقالت: قذفني، فنقول: قوله: وطئت مكرهة، ليس بقذف؛ لأن الوصف بالإكراه يوجب ارتفاع حكم اللعان، وهذا وصف حقيقي، وهكذا لو قال: وطئت بشبهة، أو وطئت مكرهة، على أمر يعلمه بينه وبينها، فإنه لا يوجب ثبوت القذف.