إذاً: السنة أنه يجري اللعان على هذه الصفة التي ذكرها المصنف رحمه الله، ويكون مهمة القاضي أن يسمع من الخصمين، وبعد الشهادة الرابعة تكون مهمته أن يوقف الزوج والزوجة قبل الخامسة لتذكيرهما، ثم بعد اكتمال اللعان يحكم بما يلي: أولاً: يرغبهما في التوبة، ويقول: الله يعلم أن أحدكما كاذب؛ لأنه إما أن يكون الزوج صادقاً أو تكون الزوجة صادقة، ولذلك يقول: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل من تائب؟ والتوبة هي: الرجوع، ورجوع الملاعن أن يقول: كذبت عليها فيما ادعيت من زناها، وتقول المرأة: هو صادق فيما قال أو فيما رماني به، ثم يقام الحد على من رجع سواءً كان الرجل أو المرأة.
فإذا انتهى اللعان، ورغبهما في التوبة ولم يتوبا، حكم بالفرقة بين الزوج وزوجته، فيفرق بينهما فراقاً أبدياً، فلا يجتمعان، وهذا من موانع النكاح المؤبدة، وقد تقدمت معنا، فمن الموانع المؤبدة: الفرقة باللعان، فهذه المرأة محرمة على الرجل إلى الأبد، ولذلك قال الزهري: مضت السنة في المتلاعنين أن يُفرق بينهما فلا يجتمعان أبداً، ولما قال عويمر رضي الله عنه بعد اللعان: (مهري، قال عليه الصلاة والسلام: إن كنت صادقاً فلها ما استحللت من فرجها -يعني: ما استمتع بها قبل الزنا-، وإن كنت كاذباً فهو أبعد لك منها)، وهذا من باب أولى، فكيف يتهمها بالزنا ثم يريد المهر؟! فيفسد فراشه، ويعتدي على أهله، ثم يريد بعد ذلك أن يأخذ المهر! فلا يستحق المهر ويفرق بينهما فراقاً أبدياً.
قال المصنف رحمه الله: [أو لفظة اللعنة بالإبعاد].
أي: لو أنه أبدل لفظة (اللعنة) بالإبعاد، فقال: أبعده الله إن كان كاذباً، لم يُقبل منه، حتى لو كانت اللفظة قريبة من المعنى الذي يفيده اللعن أو الغضب، فلا بد من اللفظين: اللعن والغضب.
قال المصنف رحمه الله: [أو الغضب بالسخط؛ لم يصح]: أي: لم يصح ذلك، ويجب أن تتقيد المرأة بلفظ الغضب.