Q نحن مجموعة نرغب في التجارة في الرطب، ولكن وجدنا في حراج الرطب أمراً لم نعلم حلاله من حرامه، تنزل مجموعة من الرطب فيحرج عليها دلال، فيتزاود الناس من أجل شرائها، وإذا بلغ الزنبيل -مثلاً- تسعين ريالاً؛ يقول الدلّال: سجّله بخمس وتسعين ريالاً لفلان من الناس، فنسأله: أين هو؟ فيقول: هو غائب، ولكنه وكلني، فهل يصح البيع، وهل يجوز أن يوكل المشتري الغائب الدلال على نفس البضاعة لكي يشتريها؟
صلى الله عليه وسلم ليس هناك حرج، والتوكيل جائزٌ شرعاً، إن شاء وكل الدلال أو غير الدلال، ولكن المحرم ألا يكون على وجه النصيحة بحيث يُضر صاحب البضاعة، فإذا كان الدلال حابى بحيث علم أن وكيله قال له: لا تصل خمسة وتسعين وأريد هذه البضاعة وأرغبها، فحرج عليها حتى تصل تسعين أو ثمانين، وإذا وصلت التسعين خذ خمسة وتسعين واقفل المزاد، فإذا قفل المزاد فقد ظلم صاحب السلعة؛ لأنه ربما وجد من يرغبها بمائة، وربما وجد من يرغبها بست وتسعين، فإذا كان الدلال يتقي الله عز وجل وينصح لصاحب السلعة فلا بأس ولا حرج؛ لأن هذا توكيل شرعي، ويجوز أن يوكل الدلال وغيره، إنما المحظور أن يكون هناك ظلم لصاحب السلعة الأصلية، كأن يوقف السعر عند حد معين محاباة لمن وكله فإنه لا يجوز له ذلك شرعاً، وليس هناك أي مانع شرعي؛ لأنه بيعٌ صحيح لسلعة قيمتها خمسة وتسعون ريالاً، فكما أن غير الدلال يجوز له أن يشتريها بخمسة وتسعين، فكذا الدلال، وكون الدلال وكيلاً لا يوجب فساد البيع، ولا يؤخر في البيع ألبتة، والله تعالى أعلم.
ومسألة المزاد في السلع ليس فيها شيء، وهناك من العلماء من منعه ونهى عن بيع المزايدة وفيه حديثٌ ضعيف، والصحيح: أنه يجوز التحريج على السلع بشرط ألا يكون هناك نجش، فلا يدخل أشخاص يرفعون القيمة حتى يغروا الناس في شرائهم، وهذا بيناه وفصلناه في كتاب البيوع وأنه محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تناجشوا)، وأما بيع المزاد فإنه بيع لا بأس به ولا حرج فيه، والله تعالى أعلم.
لكن تبقى مسألة المحاذير الموجودة من بيان العيوب وكشفها، فهذه أمانة، وعلى كل بائع يتقي الله عز وجل، وليس هذا خاص ببيع المزاد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)، والله تعالى أعلم.