بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد تقدم معنا أن الرقبة التي أوجب الله عتقها في الكفارات لابد أن تكون مشتملةً على بعض الصفات التي يُحكم بإجزائها وبراءة الذمة في عتقها، وبين رحمه الله في هذه الجملة أنه يشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة، وبينا دليل هذا الشرط، وأن أصح قولي العلماء رحمهم الله هو حمل المطلق على المقيد، فنحمل المطلق في كفارة الظهار على المقيد في كفارة القتل، ولذلك أوجبوا الإيمان في الرقبة التي يعتقها المظاهر.
يقول والمصنف رحمه الله: [ولا يجزئ في الكفارات]، وهذه عادة العلماء رحمهم الله، فهم يذكرون المسائل المتماثلة التي يشبه بعضها بعضاً في المظان، فبيَّن أنه يشترط في الرقاب التي يجب عتقها أن تكون مؤمنة، فلو أعتق رقبة كافرة فإنه لا يجزئه، لا في كفارة القتل، ولا في كفارة الظهار، ولا في كفارة الجماع في نهار رمضان، ولا في كفارة اليمين، أي: في الكفارات التي تجزئ فيها الرقبة.
ثم الشرط الثاني الذي يجب توفره لإجزاء الرقبة وبراءة الذمة من الكفارة بعتقها: أن تكون سالمةً من العيوب، وبينا حقيقة العيب، وأن أصله في اللغة النقص، يقال: عاب فلان فلاناً إذا انتقصه بشيء مما يعد منقصة.
والعيب ينقسم إلى قسمين في الرقاب، عيب في الجسد، وعيب في النفس والروح.
فعيب الجسد: النقص في الخلقة الذي يضر ضرراً بيناً.
وعيب الروح: متعلق بالأخلاق، كأن يكون فاقداً للعقل، أو يكون عصبياً إلى درجة لا يتحكم في نفسه في حالات الغضب، أو يكون يصاب بالصرع والإغماء، فهذا فيه نقص في الروح.