Q ما الحكم لو تلفظ بالظهار هازلاً؟
صلى الله عليه وسلم باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد: فمذهب طائفة من العلماء رحمهم الله أن الظهار يأخذ حكم الأصل؛ لأن الأصل في الهازل ألا يؤاخذ بقوله، فلا يوجب ثبوت حكم.
ومن أهل العلم من قاسه على الطلاق، وقال: من هزل بالظهار كمن هزل بالطلاق.
وهذا المذهب أحوط، وأبرأ للذمة، وأسلم للإنسان أن يحتاط لدينه ويستبرئ.
أما الأصل فيقتضي أن الهازل لا يؤاخذ على هزله، وأن المزح لا يأخذ حكم الجد.
ولذلك نقول: إن الأصل رجحان مذهب من يقول: إنه لا يعامل معاملة المطلق، فمن ظاهَرَ هازلاً وما قصد الظهار لا يقع ظهارُه، وإذا أحب أن يحتاط ويخرج من الخلاف فهذا أفضل.
أما من حيث الدليل ونحن قلنا: الأصل، فالأصل أن الهزل لا يأخذ حكم الجد، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد)، فلو كان الهزل يأخذ حكم الجد لما قال: (ثلاث)، ولما خص الحكم بالطلاق والنكاح، ولذلك لما قال: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد) دل أنه ما عدا الثلاث، لا يأخذ حكم الثلاث وإلا كان قال: أربع، أو: خمس، ولذلك اختص الحكم بما ورد، فإذا جاءت المسألة ترد إلى الأصل، فهل الهازل يقصد إيقاع الشيء أو لا يقصده؟ والجواب: يقصده، وليس في نيته ذلك، وليس بمتعمد إيقاع ذلك، ولذلك قال تعالى: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5]، فهو لم يقصد الظهار ولم يرده، وإنما أراد أن يهزل مع امرأته ويعبث معها، فقال لها: أنت عليّ كظهر أمي، لكن مع ذلك نقول: الاحتياط أفضل.
ومذهب الاحتياط يسمى فقه الفتوى والجواب، وهو أنه إذا كان الشيء لا عقوبة فيه وترجح القول بعدم عقوبته، وسمعه عوام الناس أو سمعه الناس فربما تساهلوا فيه وتلاعبوا به، فإنهم ينذرون منه تخويفاً من انتهاك حدود الله عز وجل والاستخفاف بها، فما ينبغي لأحد أن يهزل بالظهار، ولا أن يهزل بالأشياء الشرعية التي عظمها الله عز وجل، ولذلك وصف الله الظهار بأنه منكر من القول وزور، ولا ينبغي للهازل أن يتلفظ بالظهار، كما ينبغي للمسلم دائماً أن يحفظ حدود الله، وأن يتقي الله فيما يقوله.
والله تعالى أعلم.