قال رحمه الله: [وعاجز عن وطءٍ لِجَبٍّ كامل أو شلل]: الإيلاء -كما ذكرنا- أن يحلف الزوج اليمين على أنه لا يطأ زوجته المدة المعتبرة للإيلاء، التي هي أكثر من أربعة أشهر، وهذا الحلف يتضمن الإضرار بالزوجة كما ذكرنا وبينّا، وإذا ثبت أنه يضر بالزوجة فالشريعة قصدت دفع الضرر، فإذا كان الشخص عاجزاً عن الوطء أصلاً، فهذا لا يتحقق فيه السبب الذي من أجله حُكِم بالإيلاء؛ لأنه عاجز عن الوطء أصلاً، فمثله ليس بممتنع على وجه فيه ضرر.
والشريعة تحمِّل القادر، وهذا غير قادر، ولذلك قال رحمه الله: (وعاجز عن وطء)، فلا يصح الإيلاء من عاجز عن وطء؛ وهو الذي لا يستطيع وطء زوجته.
وقوله: (لِجَبٍّ) أي: لسبب قطع العضو؛ فليس عنده عضو.
وقوله: (لِجَبٍّ كامل) أي: إذا كان العضو مقطوعاً قطعاً كاملاً، فلو قال: والله لا أطؤك سنة.
فإن هذا أمر غير موجود فيه أصلاً، فحلفُه وجودُه وعدمُه على حد سواء.
لكن أن يكون قادراً مستطيعاً للوطء ويقول: والله لا أطؤك، فهنا كان هذا من ظلم الزوج للمرأة؛ لكن إذا كان مقطوع العضو وقال: والله لا أطؤك، فهذا وجودُ اليمين وعدمُه فيه سواء.
ومفهوم قوله: (كامل) أنه إذا كان المقطوع بعض العضو، فالشريعة تفرق بين إزالة العضو كاملاً وبقائه كاملاً، وقد نص العلماء رحمهم الله على أنه إذا بقي من العضو ما يمكن معه الوطء، فهذا ظالم، وحلفه اليمين يتحقق به الظلم، ولذلك يؤمر بالفيء والتكفير عن يمينه، وإلا طلق عليه الحاكم.
وقوله: (أو شلل) أي: شلل في عضوه؛ لأنه لا يستطيع أن يجامع أصلاً، أعاذنا الله وإياكم.