Q لو طرأت نية الطلاق بالتحليل للزوج الأول بعد أن كان الزوج الثاني على غير علم بأن الزوجة تريد زوجها الأول أو هو يريدها، فهل لو طرأت عليه هذه النية يجوز أن يطلقها؟
صلى الله عليه وسلم الزوجة إذا أرادت أن ترجع أو تزوجت ووطئها الثاني، أو عقد عليها وأحبت الرجوع إلى الأول، هذا لا حرج عليها فيه، يعني: من حيث الأصل لا تلام.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على امرأة رفاعة لما جاءت تشتكي عبد الرحمن وقالت: يا رسول الله! إن معه كهدبة الثوب، وكان معه طفل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قال: ابني.
فعلم أنها تدعي شيئاً ليس بالصحيح؛ لأنه لو كان الأمر مثلما ذكرت ما حصل له ولد من الزوجة الأولى التي قبل هذه الزوجة المطلقة ثلاثاً.
ففطن عليه الصلاة والسلام إلى أنها اختارت زوجها الأول إما لعشرة وإما لأمور، فقال عليه الصلاة والسلام: (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته) فهذا حكم بيّن أنها فعلاً تريد الرجوع إلى رفاعة، ثم هي أقرت وسكتت.
والنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أورع الخلق وأكملهم أدباً وأبعدهم عن اتهام الناس ليس بمعقول أن يقول لها: (تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟) بالباطل والزور، حاشاه! بل ذكر لها أنها تريد أن ترجع إلى رفاعة بدليل وحجة، وهي سكتت وأقرت، ومن هنا أخذ بعض العلماء أن من طلقها ثلاثاً حتى لو طلقها زوجها اليوم، وحنت إليه ورغبت أن تعود إليه فلا بأس، هذا مقصود الشرع؛ لكن الذي يحلل وينكح لا يجوز له أن ينكح بقصد أن يحللها للأول.
هناك فرق بين الاثنين، وهي بالعكس فحينما تحن لزوجها الأول فمن المصلحة أن تعود إليه، ولربما كان الزوج الثاني أسوأ، ولربما كان ظالماً مؤذياً، ومقصود الشرع أن تعرف النعمة التي كانت فيها، ولذلك كان الحكماء يحدثون عن الرجل العاقل الذي يريد زوجة أنه يقول: اطلبوا لي امرأة أدبها الدهر.
اطلبوا لي امرأة أصابت النعمة ثم أدبها الدهر، فعندما تكون في نعمة وتزول عنها، وتعظها الأيام والسنون، وتجد الشدة والحاجة، تعرف قيمة النعمة.
فإذا تزوجها أحد بعد ذلك عادت من أعقل النساء، وأعرفهن بالأمور، ومن هنا عندما تطلق ثلاثاً وتحن إلى زوجها الأول، فإنه قد عضها وآلمها ما وجدت من فراق النعمة، فهذا لا تلام عليه، فانظر حكمة الشريعة التي لم تلم المرأة ولكن لامت الرجل.
فهناك فرق بين الرجل وبين المرأة، فالرجل لا ينكح بقصد التحليل لا صراحة ولا ضمناً على التفصيل الذي ذكرناه.
والله تعالى أعلم.