Q هل ورد عند قراءة آخر سورة القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] ذِكرٌ، كأن يقول: بلى في صلاة الفريضة، وجزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم في صلاة الفريضة لم يرد، إنما جاء في حديث الترمذي أنه سمع رجلاً في قيام الليل يقول: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] فقال: (سبحانك بلى).
وعلى ذلك فالسنة أنك إذا قرأتها خارج الصلاة أو سمعت رجلاً يقرؤها، فاشهد أن الله قادر على أن يحيي الموتى سبحانه وتعالى، وهو على كل شيء قدير {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:79] جل جلاله، وتقدست أسماؤه.
وكذلك إذا صليت بالليل أو صليت نافلة فقرأت هذه السورة تقول: سبحانك بلى؛ لكن في الفريضة لا؛ لأنه ما حفظ في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الليل والنهار المفروضة أنه وقف عند آية رحمة ولا آية عذاب ولا رد على آية، ولذلك يجب أن نفرق بتفريق السنة.
فلو كانت سنة ما سكت عنها عليه الصلاة والسلام، وما كان ثابتاً عنه في الفرض ثبت في الفرض، وما كان في النفل فهو في النفل، فيفرق حيث فرق الشرع؛ لأننا وجدنا الشريعة تخفف في النافلة ما لا تخففه في الفرض.
فوجدنا النافلة تصح من القاعد وهو قادر على القيام ولا يصح ذلك في الفرض، ووجدنا الإنسان يصلي على دابته في السفر النافلة ولا يصلي عليها الفريضة، ويصلي على دابته حيثما توجهت به في السفر إلى غير القبلة، ولا يصح ذلك في الفريضة، ففرقت الشريعة بين الفرض والنفل، وفي الفرض مزية ليست في النفل، ففرقنا لتفريق الشرع.
قال زيد رضي الله عنه: (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام) وهذا أصل في أننا لا نتكلم في الفريضة، فلما جاء الكلام في نافلة ولم يوجد في فرض بقي الفرض على الأصل، وهذا ما يسمونه تخصيص العموم، خصت النافلة فبقي الفرض على أصله، فلا نقول: الأصل أن النافلة والفرض على حد سواء؛ لأن الشريعة ما قالت إنهما على حد سواء، بل جعلت في النافلة تخفيفاً ليس في الفرض، وبناءً على ذلك نقول: ما ورد بعمومه يبقى على عمومه، وما ورد بخصوصه يخص الحكم به.
والله تعالى أعلم.