شرع المصنف -رحمه الله- في تعليق الطلاق على الحلف، وكما ذكرنا أنه إذا قال لها: إن ذهبت إلى أمك، إن ذهبت إلى أهلك، إن قمت، إن قعدت، إن لم تتكلمي، إن لم تعملي، إن تكلمت فأنت طالق، إن خرجت فأنت طالق، وكان يقصد منعها من الخروج، أو منعها من الكلام.
إلخ.
هذه يسميها العلماء الحلف بالطلاق، ويتجوزون في تسمية الطلاق بالحلف.
فهنا كي يبين المصنف حكم التعليق على وجود أمرٍ آخر مرتبط بالحث على فعل شيء أو ترك شيء قال رحمه الله: (إذا قال: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال: أنت طالق إن قمت، طلقت في الحال).
(إذا حلفت بطلاقك) أي: إذا وقعت مني صيغة الحلف بالطلاق فإنك طالقة، بناءً على هذا: ننتظر منه أن يقول هذه الصيغة، فلو قال لها بعد هذا: إن قمت فأنت طالق، فإنها تطلق؛ لأنها وجدت صيغة الحلف؛ لأنه لا يريد منها القيام إن قال لها: إن قمت، أو قال لها: إن خرجت، فهو لا يريد منها الخروج، فهذا في معنى الحلف لما ذكرنا، فعلق الطلاق على الحلف وكأنه قال: إن علقت طلاقك على فعلك شيئاً أو تركك شيئاً فأنت طالق، فإن وقع منه تعليق على هذا الوجه فإنه يحكم بالطلاق، سواءً قال لها: إن قمت، إن قعدت، إن أكلت، إن تكلمت ونحو ذلك من صيغ التعليق فإنها تطلق في الحال، ولو قال لها: إن حلفت بطلاقك فأنت طالقٌ، قال ذلك -مثلاً- الساعة الواحدة ظهراً، ثم الساعة الثانية قال لها: إن ذهبت إلى بيت أبيك فأنت طالق، طلقت في الساعة الثانية ظهراً بالتعليق الأول؛ لأنه وقع منه تعليق على الخروج، وهو بمعنى الحلف، ثم ننتظر إن خرجت إلى أبيها وقعت الطلقة الثانية، وهذا مبني على ما ذكرناه من مسألة التعليق على الحلف.
قال المصنف رحمه الله: [لا إن علقه بطلوع الشمس ونحوه لأنه شرط لا حلف].
تقدمت معنا مسائل التعليق على الزمان، وإضافته إلى الزمان المستقبل، وبينا الصور والمسائل التي ذكرها العلماء في هذا الموضع.
صورة المسألة التي ذكرها المصنف: أن يقول لها: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم قال لها: إن طلعت الشمس فأنت طالق، (إن طلعت الشمس) ليست بحلف؛ لأنها لا تتضمن حثاً على فعل، ولا منعاً من شيء، فهذه الجملة ليست عندهم في معنى اليمين ولا في معنى الحلف، وقالوا: في هذه الحالة علق طلاقه على طلوع الشمس فإن طلعت الشمس حكم بطلاقها، وفي هذه المسألة بعض العلماء يقول: إنها تطلق حالاً، والجمهور على أنها تطلق بطلوع الشمس، فعلى هذا إذا اشترط الحلف فلا بد وأن تتضمن صيغة التعليق أمراً بشيء أو نهياً عنه كما ذكرنا.