ثم قال رحمه الله: [وإن علق طلقة إن كانت حاملاً بذكر وطلقتين بأنثى فولدتهما طلقت ثلاثاً]: إن قال: أنت طالقٌ طلقة إن كان الذي في بطنك ذكراً، وأنت طالقٌ طلقتين إن كان الذي في بطنك أنثى، فجعل الطلاق مرتباً على وجود الحمل، لكن فصل في عدد الطلاق، فبينه وبين الله أنه إن كان رحم المرأة قد ضم ذكراً فهي طالق طلقة، وإن ضم أنثى فهي طالق طلقتين، فإن احتواهما البطن معاً طلقت ثلاثاً؛ لأنه علق الطلاق على وجود الجنس، ذكر كان أو أنثى، فلا نلتفت إلا لوجود الشيء.
وقال رحمه الله: [وإن كان مكانه (إن كان حملك أو ما في بطنك) لم تطلق بهما]: وإن كان حملك ذكراً فطلقة، وإن كان حملك أنثى فطلقتين بمعنى: إن كان الرحم اختص إما بذكر وإما بأنثى، وهذه الصورة يسمونها: صورة المحض، يعني: إن كنت تحملين ذكراً فطلقة، وإن كنت تحملين أنثى فطلقتين، فكأنه رتب الطلاق على الوجود المتمحض، يعني: أطلقك طلقة إن حملت ذكراً محضاً، وأطلقك طلقتين إن حملت أنثى محضاً، فإن حملت الاثنين لم يتحقق الشرط، لأن مراده: إذا خلص الرحم بواحدٍ منهما، فلا يقع الطلاق بمجوعهما؛ فيُفرق بين الأمرين، للفرق بين الصيغتين.
فقوله: إن كنت حاملاً بذكرٍ فطلقة، وإن كنت حاملاً بأنثى فطلقتين فإنه جعل الطلاق مرتباً على وجود الذكر والأنثى، سواءً كانا موجودين معاً، أو كانا موجودين بانفراد، ولا يقصد التمحض، وليست الصيغة مما تحتمل التمحض.
لكن إن قال: (إن كان حملك أو ما في بطنك لم تطلق بهما).
لقصد المحضية، أي: بيني وبين الله إن كان هذا الحمل أنثى فطلقتين، وإن كان ذكراً فطلقة فحينئذٍ ننظر إلى الحمل متمحضاً بالذكورة ومتمحضاً بالإناث.
فهذا الفرق بين المسألتين، في المسألة الأولى جعل الأمر مرتباً على وجود الذكر ووجود الأنثى بغض النظر عن المحضية وعدمها، وفي المسألة الثانية العكس.