قال رحمه الله: [ولا يقع بكناية ولو ظاهرة طلاق، إلا بنية مقارنة للفظ إلا حال خصومة أو غضب أو جواب سؤالها].
بالنسبة للطلاق بالكنايات، قلنا: مرده إلى النية، وبعض العلماء يرى أن الكنايات الظاهرة -كما هو موجود في مذهب المالكية- تقارب اللفظ الصريح، ولا يعتد بها صريحاً، فعندهم تضعف النية على هذا الوجه، فالمصنف رحمه الله مشى على المذهب من أنه ينظر فيه إلى النية، فإذا نوى به الطلاق فيشترط أن تكون النية مصاحبة للفظ، كأن يتلفظ بأنت بائن، أو أنت برية أو أنت خلية، أنت حرج وهو ناوٍ الطلاق والنية مصاحبة للفظ.
فإن تأخرت نيته للطلاق عن اللفظ لم تؤثر.
ولكن عندنا في الكناية جانبان ينبغي أن نتنبه لهما، الأول: النية.
والثاني: دلالة الحال.
فأما النية فمثلما ذكر المصنف، وتكون مصاحبة للفظ، إما مقاربة له أو تكون مع اللفظ الذي نيته الطلاق، فإن تأخرت فإنها لا تؤثر كما ذكرنا.
أما دلالة الحال: كأن يقول لها ذلك في الغضب أو يقول لها ذلك في جواب السؤال، هذا يسمى دلالة الحال، ويطلَّق به في الكنايات، كامرأة قالت لزوجها: طلقني، فقال لها: أنت بائن، أو قالت له: طلقني، فقال لها: أنت خلية أو أنت برية أو أنت خلية أو أنت الحرج أو اعتدي أو استبرئي، فطلاق، هذا إذا كان الحال جواب سؤال، وأما عند الخصومة فكما لو اختصم مع زوجته واشتد الخصام، فقالت له كلمة أغضبته، فقال لها بعد ذلك: أنت برية، أنت بتة، أنت بتلة، أنت حرج، أنت حرة، فحينئذ يحكم بالطلاق.