الرد على حديث عويمر العجلاني وحديث فاطمة في جواز الثلاث تطليقات

Q بعد أن قررنا أن طلاق السنة هو الواحدة، فما هو الجواب عن حديث عويمر العجلاني وكذلك حديث فاطمة أن زوجها طلقها البتة؟

صلى الله عليه وسلم أما بالنسبة لحديث عويمر العجلاني؛ فإن طلاقه لم يصادف المحل، وتوضيح ذلك: أن المرأة إذا لاعنت زوجها فإنه يفرق بينهما فراقاً أبدياً، قال الزهري رحمه الله في روايته عن سهل رضي الله عنه في قصة المتلاعنين: مضت السّنة أن يفرق بين المتلاعنين فلا يجتمعان أبداً، وعلى هذا فبمجرد ما تنتهي من الأيمان -والعياذ بالله- فإنه تقع الفرقة بينهما، وقال بعض العلماء: تفتقر إلى حكم القاضي؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم أن أحدكما كاذب، حسابكما على الله)؛ لأنه حلف الأيمان وهي حلفت الأيمان، فحينئذٍ أحدهما كاذب، إما الرجل وإما المرأة، فتنتقل الحكومة والحكم والخصومة إلى خصومة الآخرة نسأل الله السلامة والعافية، فخصومة الدنيا لا نملك فيها شيئاً لأن ما عندنا شيء ثبت، والأصل البراءة، فترك الأمر إلى الآخرة؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقفها ويوقفه عند الموجبة وهي الخامسة ومضت السنة على ذلك، فقال له: (اتق الله، فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة)، وقال للمرأة: (اتق الله فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة)، فكادت تعترف ثم قالت -والعياذ بالله-: لا أفضح قومي، فحلفت الموجبة، وكان يقول: إنها الموجبة، يعني: إذا حلف الرجل الخامسة: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:7]؛ فإنه تصيبه اللعنة والعياذ بالله.

والمرأة إذا حلفت وقالت في الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فإنه -والعياذ بالله- يحل عليها غضب الله عز وجل، ومن حل عليه غضب الله فقد هوى؛ فإذا ثبت هذا فإنه يفرق بينهما بمجرد انتهاء اللعان؛ فعندما فرق بينهما، قال عويمر من شدة الألم: (والله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سمعت بأذني ورأيت بعيني) فلما رآها تحلف هذه الأيمان، قال: (يا رسول الله! كذبت عليها إن أمسكتها هي طالقٌ بالثلاث)، فلما وقع طلاقه وقع بعد الفرقة، فهي أجنبية منه محرمةٌ عليه؛ ولذلك المرأة الملاعنة لا تحل إلى الأبد، وقد أثبتنا هذا في المحرمات، أنها لا تحل إلى الأبد، فالتطليق ثلاثاً وقع بعد زوال المحل، فلا يستقيم الاستدلال به؛ ولذلك يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم إقراره ليس بواردٍ أصلاً؛ لأن الطلاق وقع في غير موقعه، ومن هنا لا يمكن أن يوصف التطليق ثلاثاً بكونه طلاق سنة من هذا الوجه، والله تعالى أعلم.

أما بالنسبة لحديث سهيمة في قصة امرأة رفاعة بن رافع القرظي أنه طلقها ثلاثاً فبت طلاقها، فهذا أجاب عنه العلماء وأشار الحافظ ابن حجر والحافظ ابن الملقن وغيرهما -رحمةُ الله على الجميع- إلى أنه ليس بدليل على أن طلاق الثلاث وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلفظةٍ واحدة؛ والسبب في ذلك: أن سهيمة أو سهلة -اختُلِف في اسمها رضي الله عنها وأرضاها- طلقها زوجها الطلقة الثالثة، يعني: كان قد طلقها قبل ذلك طلقتين، فوقعت الطلقة الثالثة التي بها البينونة، فلذلك قال الراوي: (إنه طلقها فبت طلاقها) ولذلك جاءت الرواية الأخرى: (طلقها آخر تطليقة) يعني: آخر طلقةٍ من طلاقه، وعلى هذا فلم تكن الثلاث مجموعة وإنما كانت مفرقة، فلا يستقيم الاستدلال به على إثبات الطلاق ثلاثاً وأنه سنة، والله تعالى أعلم.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015