Q هل المعتبر في وقوع الطلاق إصداره من الزوج أم وقت وصول الخبر للزوجة؟
صلى الله عليه وسلم باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإذا طلق الرجل امرأته مضى الطلاق ونفذ من حينه، وأما مسألة بلوغ الخبر إليها فإنه لا يؤثر في الإيقاع، فهو واقعٌ من حين أن يتلفظ به، فلو تلفظ به الساعة ثم توفي وبلغها خبر الطلاق بعد شهرين فهي مطلقة من حين تلفظه به، أما لو كان مريضاً مرض الموت وطلق فهذا يسمى طلاق الفار، وهو الذي يريد أن يمنع ويحرم امرأته من الميراث، وهذه المسألة قضى الصحابة رضوان الله عليهم فيها بتوريث المرأة.
لكن الكلام هنا لو طلق المرأة الساعة الثانية ظهراً ثم خرج، فوقع له حادث وتوفي، وبلغها الخبر بعد شهر أو شهرين فهي طالق، ويعتبر طلاقاً نافذاً من حينه لكن مسألة الحداد، يعني: المرأة يتوفى زوجها في شهر شوال ولا يبلغها الخبر إلا بعد أربعة أشهر وعشرا، فهل ما يتعتبر في الحداد غير ما يعتبر في الطلاق، أي: هل العبرة فيه ببلوغ الخبر أم العبرة بالوفاة؟ مثال ذلك: رجلٌُ توفي اليوم، وهو في الخارج أو في بلدٍ بعيد، والمرأة لم تعلم بوفاته إلا بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، فلما بلغها الخبر وقد مضت مدة الحداد، فهل نقول: الحداد العبرة فيه بالوفاة، فحينئذٍ انتهى حدادها؛ لأن المدة التي بين بلوغ الخبر وبين الوفاة استغرقت مدة الحداد فلا إشكال؟ هذا وجه في المسألة.
وبناءً على ذلك: لو توفي في أول شوال وبلغها الخبر في آخر ذي القعدة؛ فإنه يبقى عليها شهران وعشرة أيام لأنه قد مضى عليها نصف المدة؛ لأن العبرة بالوفاة لا ببلوغ الخبر، والصحيح: أن العبرة في الحداد ببلوغ الخبر، فلو بلغها الخبر بعد سنة لزمها الحداد؛ لأن الحداد عبادة ولا يصح إلا بنية، وهي لم تحتد ولم يقع منها حداد ولم تقصد الحداد فلم يقع المأمور به شرعاً، والذي أمرت به المرأة هو عبادةً لله عز وجل وتقرب، فعلى هذا: العبرة ببلوغ الخبر وليس بالوفاة، فهناك فرقٌ بين الحداد وبين الطلاق من هذا الوجه، والله تعالى أعلم.