حكم المهر لمن وطئت بشبهة أو إكراه

قال رحمه الله: [ويجب مهر المثل لمن وطئت بشبهة أو زناً كرهاً].

(ويجب مهر المثل لمن وطئت) الموطوءة بالزنا كرهاً أو الموطوءة بالشبهة الأصل أن وطأها لا يجوز، ولكن وجود العذر من الإكراه على الزنا أوجب لها مهر البكر كاملاً إن كانت بكراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها)، فهي مغلوبة على أمرها، وحينئذٍ يكون لها مهر مثلها؛ لأنه فوت عليها هذا الحق، ويدرأ عنها الحد لوجود الإكراه على الصحيح من أقوال العلماء، وسيأتينا -إن شاء الله- في باب الجنايات أنه يدرأ عنها الحد ولا يقام عليها إذا أكرهت؛ لأن الله أسقط بالإكراه الردة، فمن باب أولى الزنا الذي هو دون الردة، ويكون لها مهر المثل يفرضه عليه الحاكم.

وكذلك نكاح الشبهة، شبهة عقد، أو شبهة اعتقاد، أو شبهة ملك، هذه ثلاثة أنواع من الشبهة تؤثر في النكاح، شبهة عقد بأن يعقد على امرأة يظن أنها تحل له بهذا العقد، مثلما يقع في عقد نكاح الشغار، مثلاً: لو أن رجلاً زوج ابنته لآخر على أن يزوجه الآخر ابنته بنكاح الشغار، ولم يعلما حكم الشغار، وحصل الوطء، هذا وطئ ابنة هذا وهذا وطئ ابنة هذا، فحينئذٍ يصبح هذا وطء شبهة، أي: عنده شبهة، وهي شبهة العقد، حيث يظن أن هذا العقد عقد نكاح صحيح، وتكون كذلك شبهة العقد فيما لو أن رجلاً عقد على امرأة وهو لا يعلم أنها متزوجة ويظن أنها خلو، وعقد بها عقداً شرعياً، ودخل بها، ثم تبين أنها خدعته وأن أولياءها خدعوه.

وكذلك يدخل في شبهة العقد ما إذا غاب رجل غيبة، وانقطع عن زوجته، فحكم الحاكم بانتقالها عن زوجها فطلقها، فتزوجت بزوج ثانٍ، فإن هذا العقد يبيحها له ويحلها له، فلو رجع الغائب، فمن يقول: إنها على عقد الأول، يرى أن وطء الثاني وطء شبهة عقد؛ لأنها في الأصل تابعة للأول، وعلى هذا يكون من شبهة العقد.

شبهة الملك، مثل: شبهة أنها مملوكة له، مثلما يقع في ملك اليمين، كما لو اشترى أمة ووطئها بملك اليمين، ثم تبين أنها حرة وبيعت مغصوبة، فإنه كان يطؤها على أنها ملك يمين له، ثم تبين أن هذه الشبهة غير صحيحة.

فمثل هذه المسائل يكون فيها المهر للمرأة، فيجب عليه المهر على التفصيل الذي ذكرناه، ويرجع على من غشه ويطالبه بالضمان، وحينئذٍ يضمن الذي غشه، والحاكم (القاضي) يعزر هذا الذي اقتات وظلم المرأة ببيعها وهي حرة.

فالشاهد أنها إذا وطئت بشبهة أو بزناً لكن بشرط الإكراه فلها المهر، فلو كان الزنا -والعياذ بالله- برضا من المرأة لم يكن لها حق، فلا مهر لبغي، ولذلك (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الدم وحلوان الكاهن ومهر البغي) فالبغي لا مهر لها؛ لأنها رضيت -والعياذ بالله- بإسقاط حقها، وأتت ما حرم الله عز وجل بطيبة نفس منها، فيضيع حقها وليس لها المهر بسبب ذلك.

قال رحمه الله: [ولا يجب معه أرش بكارة].

(ولا يجب معه) أي: مع مهر المثل (أرش البكارة) وبعض العلماء يسمونه: العقر، ويحكم بالعقر في بعض المسائل في الشبهات، ولكن اختار المصنف هنا ما ذكرناه من أن لها مهر المثل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015