قال رحمه الله: [ويعتبر الثلث عند موته].
إذا ثبت ما تقدم أن العبرة بالحالة الموجبة لحكمنا بكون الإنسان في حكم المريض مرض الموت، وبينا الأمراض والأحوال التي توجب الحكم على الشخص في ذلك، وما الذي يترتب على هذا الحكم، وأنه لا يصح تبرعه فيما زاد عن الثلث ولا تصح وصيته لوارث، فيبقى
Q هذا الثلث، هل العبرة فيه بالوقت الذي وصى أو أعطى فيه أم بوقت الموت؟ وفائدة هذا الخلاف: أنه ربما يكون الشخص -مثلاً- عنده مائة ألف ريال، فيوصي بهذه المائة الألف ريال في أول محرم وهو مريض مرض الموت، فإذا كان مريضاً مرض الموت وأصابه المرض في أول محرم وأعطى مائة ألفٍ هبةً أو عطيةً أو صدقةً فما الحكم؟ نقول: إنه في حكم المريض مرض الموت، فلا ينفذ إلا ثلثها، هذا من حيث الأصل؛ لكن لو أنه توفي في الخامس عشر من محرم وقبل وفاته بأسبوع وهب مائة ألف، ثم توفي فورث مائتي ألف، فأصبح مجموع تركته عند الوفاة ثلاثمائة ألف، وأصل تركته عند العطية مائة ألف، فهل العبرة بوقت العطية أم العبرة بوقت الموت؟ العبرة بالموت، فإن كان الوقت الذي مات فيه تعادل عطيته الثلث فما دون صحت، ولو كانت قبل أكثر، والعكس بالعكس، فلو أنه أعطى مائة ألفٍ وقد دخل المستشفى -مثلاً- في بداية محرم، وحكم الأطباء أن هذا المرض مرضٌ مخوف وأنه لا ينجو إلا إذا شاء الله سبحانه وتعالى، فلما أدخل المستشفى كانت تركته تعادل ثلاثمائة ألف، فقال لأولاده: هذه مائة ألف ريال، اجعلوها في المساجد وفي سبل الخير والبر، إذاً: وصيته في حدود الثلث، ولا إشكال فيها، والمائة ألف تعادل الثلث من الثلاثمائة ألف، فلما مرض وأدخل المستشفى احتاج إلى علاج بمائة ألفٍ، فأصبحت تركته ناقصة فلما توفي في منتصف محرم إذا تركته مائتا ألف، فهل العبرة بوقت ما أوصى ووقت ما أعطى وتصدق ووهب، أم العبرة بوقت الموت؟ بين رحمه الله أن العبرة بالوقت الثاني وهو الأخير، وألا ننظر إليه قبل ذلك فقراً ولا غنىً، فإن العبرة بوقت الموت، فإن كان المال الذي وصى به أو أعطاه معادلاً للثلث في ذلك الوقت حكمنا بكونه صحيحاً، وإن نقص أو زاد على التفصيل الذي ذكرنا.