ومما يلتحق بمسألة من مرض مرضاً مخوفاً: مسألة التحام الصفين وتقابل المتقاتلين، فإذا وقع القتال بين المسلمين والكافرين، وتقابل الصفان والتحم الجيشان، فإذا ابتدأ القتال فيحكم على أهل المعركة من المسلمين أنهم في حكم المريض مرض الموت، فلا تصح وصيتهم لوارث، ولا تنفذ عطيتهم فيما زاد عن الثلث؛ لأن هذه الحالة الغالب فيها عدم السلامة، وقل أن يخرج الإنسان منها سالماً.
وفي حكم ذلك: من كان محكوماً عليه بالقتل، كرجل قتل رجلاً ظلماً وعدواناً فحكم عليه بالقصاص، وإذا حكم عليه بالقصاص ومضى الحكم وتم وثبت عند القاضي وحكم به، فمذهب طائفة من العلماء أنه بحكم المريض مرض الموت، فلا يصح تبرعه فيما زاد عن الثلث، ولا تصح وصيته لوارث.
وكذلك أيضاً يدخل في حكم هذه المسألة: أحوال الخوف التي تقع في وسائل النقل، فمثلاً: ركوب البحر، فذكر العلماء رحمهم الله في القديم ركوب البحر، فإذا كان البحر ساكناً فلا إشكال والغالب السلامة، وأما إذا هاج البحر وماج وجاءت ريح عاصف، وأصبحوا في حالة الخوف والكرب، فإنهم حينئذٍ يحكم بكونهم في حكم المريض مرض الموت، فلو أن شخصاً في تلك الحالة قال: مالي كله في سبيل الله، أو أوصيت بمالي كله في سبيل الله، أو أوصيت بمالي إلى فلان، أو أعطيت ولدي فلاناً، فحينئذٍ لا يصح تصرفه في العطية فيما زاد عن الثلث، ولا تصح وصيته لوارث، هذا إذا كان البحر في حالة الهيجان.
وكذلك أيضاً من الأحوال التي تلتحق بما سبق: إذا تعرض المركوب -كطائرة أو سيارة أو قطار- إذا تعرض إلى حالة من حالات الخوف أو الهلاك الغالبة، فإنها تلتحق بما ذكره العلماء رحمهم الله في القديم من كون الإنسان في حكم المريض مرض الموت.