لكن البطن الثاني فيه تفصيل وفيه مسائل: المسألة الأول: هل إذا قال: وقفتُ على ولدي.
يدخل البطن الثاني ومن بعده أو يختص بالبطن الأول؟ فمثلاً: لو أن رجلاً قال: وقفت مزرعتي هذه على أولادي ثم على المساكين، فأولاده الذين هم من صلبه مباشرة لا إشكال أنهم مستحقون؛ لكن الإشكال: متى ننتقل للمساكين؟ هل قوله: (أولادي) يشمل جميع نسله حتى ينقطع، أو يختص بالبطن الأول ثم نحكم بانتقال الوقف وصيرورته إلى المساكين؟ لهذه المسألة وجهان عند العلماء، فالمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سُئِل عن هذه المسألة فنص على أن ولد الولد يدخل في حكم الولد، وأن من قال: على أولادي.
فإننا نُلحق أولاد البطن الثاني بأولاد البطن الأول، ولا ينتقل للمساكين إلا إذا انقطع نسله أو انتهى عقبه.
وهناك وجه ثانٍ وقول ثانٍ لبعض العلماء، يقول: إذا قال: وقفت على أولادي أو على ولدي ثم على المساكين؛ فإنه حينئذٍ ينتقل الوقف إلى المساكين بعد موت البطن الأول.
وعلى هذا القول يكون قوله: (أولادي) خاص بالبطن الأول فقط، فلا نلحق أولاد الأولاد مكان الأولاد ولا ينزّلون منزلتهم.
والصحيح الأول، وهو أنه إذا قال: وقفت على ولدي فإنه يلتحق ولد الولد حتى ينقطع نسله وعقبه، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المساكين كما سبق، لكن كل هذا الخلاف محلّه ألا يأتي بقيد أو بعبارة تدل على أنه يريد ولد الولد، فإذا قال مثلاً: على أولادي إلى أن ينقطع نسلي ثم على المساكين، أو يقول: على أولادي والمساكين من بعدهم إذا لم يوجدوا، أو على أولادي فإن انقطع عقبهم فللمساكين؛ فحينئذٍ لا إشكال، والإجماع منعقد على أننا ننزِّل الطبقة الثانية بعد الطبقة الأولى، وهكذا بالنسبة للطبقات.
هذه المسألة الأولى، نخرج منها بخلاصة وهي أن من قال: وقفت على أولادي ثم على المساكين، أن الانتقال إلى المساكين لا يكون إلا بعد انتهاء الولد، بحيث ينقطع نسله وعقبه.
وهذا على الصحيح من أقوال العلماء، فإن وجدت قرينة فقولٌ واحد أنه لا يُنتقل إلى المساكين إلا بعد انقطاع النسل كقوله: على أولادي فإذا انقطع نسلهم فعلى المساكين.