Q لو أدركت مقدار ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها وأنا متيمم، فهل تبطل صلاتي لبطلان تيممي بخروج الوقت؟
صلى الله عليه وسلم هذه مسألة مفرعة على المسألة التي ذكرناها وهي: إذا وجد الماء أثناء صلاته، والحكم يستوي فيه أن تبقى ركعة أو لا يكون في الوقت متسع لأن يتوضأ أو يغتسل، بمعنى: أن الحكم عام، فلذلك نقول: إذا وجد الماء وأمكنه أن يستعمله وخشي خروج الوقت فإنه لا يجزئه أن يتيمم؛ لأن الله عز وجل اشترط في التيمم فقد الماء، وقال بعض العلماء -وهو قول مرجوح وضعيف- إنه إذا خشي خروج الوقت فإنه يتيمم ويصلي، والصحيح: أنه يتوضأ؛ لأن الوضوء والغسل مشترط لصحة الصلاة، ولذلك لا يعتبر فعله للصلاة -مع إمكانه للوضوء والغسل على هذا الوجه مع تيممه- صحيحاً، ولا بد أن يتوضأ ويغتسل ولو خرج الوقت، وهذا هو أصح أقوال العلماء رحمة الله عليهم.
وهذه المسألة يجعلها الأصوليون من مسائل ازدحام الشروط، بمعنى: أن الشرع اشترط لصحة الصلاة الوقت، فلا يجوز للمكلف أن يُخْرِج الصلاة عن وقتها، واشترط لها الوضوء إذا كان الإنسان محدثاً حدثاً أصغر، والغسل إذا كان محدثاً حدثاً أكبر، فإذا كان في آخر الوقت بحيث لو قلنا له: توضأ، خرج الوقت، فهل نقدم شرط الطهارة ونقول: يتوضأ ولو خرج الوقت، أو نقدم شرط الوقت ونقول: تسقط طهارة الماء وينتقل إلى البدل لإدراك الوقت؟ فبعض العلماء يقول: أنا أُغلِّب وأُقوّي شرط الوقت على شرط الطهارة، فما دام أن جلوسه للوضوء، يخرجه عن الوقت فعليه أن يتيمم مباشرة ويقوم إلى الصلاة، فيدرك الوقت وتسقط عنه طهارة الماء، وهذا عند من يقول: إن طهارة التراب قائمة مقام طهارة الماء.
الوجه الثاني يقول: هذا مكلف، واشترط الشرع في إسقاط طهارة الماء العجز أو الفقد، وهذا ليس بعاجز ولا فاقد، ولذلك نقول: يتوضأ ولو خرج الوقت؛ لأن مثله في الأصل يقضي ولا يؤدي، كما لو استيقظ بعد خروج الوقت، فما دام أنه توضأ واشتغل بالوضوء فهو معذور شرعاً، وهذا القول الثاني أعدل الأقوال وأقواها؛ لأن إسقاط الوضوء شرطه الفقد أو العجز، وهنا ليس بعاجز ولا فاقد، ولا في حكم العاجز ولا الفاقد، وبناءً على ذلك يلزمه أن يتوضأ ولو خرج الوقت، وتكون صلاته مقضية لا مؤداة.
وبعض العلماء عنده مخرج فقهي عجيب يقول: ما دام أننا لو قلنا له: توضأ، خرج الوقت، فنقول له الآتي: تيمم وصل وأدرك الوقت، ثم احتط بالوضوء بعد الصلاة، وأعد الصلاة مرة ثانية؛ لأن الصلاة بالوضوء سيوقعها بعد خروج الوقت، فنقول له احتياطاً: أدرك الوقت بالتيمم -وهذا من ناحية أصولية فقط، إعمالاً للقواعد- فيتيمم ويصلي، لكن هذا فيه مشقة، ولو أراد المكلف أن يحتاط بهذه الطريقة فهذا أفضل: فيتيمم ثم يصلي ثم بعد ذلك يتوضأ ويصلي الصلاة المفروضة على الصفة التي ذكرناها، والله تعالى أعلم.