قال رحمه الله: [فإن قال: اشتريته بألف أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع أكثر].
فلو قال المشتري: اشتريته بألف أخذ الشفيع النصيب بالألف أو بهذا القدر الذي قاله المشتري، وهذا مبني على القاعدة أننا نصدق المشتري لأنه أعلم وأدرى بما اشترى به، ونلزم الشفيع بدفع ذلك المبلغ، هكذا لو قال: اشتريت بمائة ألف نقداً، قال الشفيع: بل اشتريت بها مقسطة ومؤجلة، نقول: لا، القول قول المشتري ونلزم الشفيع بقوله.
(ولو أثبت البائع أكثر) (لو) تشير إلى خلاف مذهبي، يعني: نحكم بقول المشتري ولو شهد البائع ضده، كأن المصنف رحمه الله رجح القول الذي يقول: لا أقبل شهادة البائع، هناك من يقول: أقبل شهادة البائع إذا شهد بالأقل؛ لأنه لا يجر نفعاً، بحيث لو اختلفوا بثمانين ألفاً أو مائة ألف وقال البائع: ثمانين ألفاً أقبل قوله؛ لأنه لا مصلحة له في الزيادة، والمحل المختصم فيه وهو العشرون ألفاً لا يثبت له؛ لأن الخلاف في العشرين الزائدة، والحقيقة إذا تأملت القول الذي يفرق بين القليل والكثير في قبول شهادة البائع من حيث الأصول وجدته قولاً قوياً جداً من حيث الأصول التي قررناها، ويتفق مع الأصل الذي قلناه: أنه إذا ضعفت التهمة وجب قبول الشهادة؛ لأن الله أوجب علينا قبول شهادة معروف بالأمانة مرضي القول، فإذا كان البائع عدلاً مقبول الشهادة وشهد؛ الأصل قبول شهادته، فإذا جاء يشهد بالثمن الأقل ما يدخل على نفسه نفعاً، لكن لو شهد بالمائة ألف فمعنى ذلك أن القاضي سيقضي أن البيع قد تم بمائة ألف، فلو حصل خلاف بين هذا البائع الذي شهد وبين الذي اشترى منه مستقبلاً فإنه يلزمه بدفع العشرين الزائدة، وإذا أرغم بدفع العشرين الزائدة بناء على أنه ثبت عند الحاكم أن البيع قد تم بمائة ألف فمعنى ذلك أنه سيأخذ العشرين لمصلحة نفسه.
ومن هنا يقوى قول من قال بالتفصيل، فالمصنف هنا يشير إلى مذهب من يقول بالتفصيل، يقول: أقبل شهادة البائع بشرط: أن لا تتضمن النفع وذلك بالزيادة، فقال: (ولو بأكثر).