فقوله: (ومن أتلف شيئاً محترماً)، (شيئاً): نكرة، والقاعدة: أن النكرة تفيد العموم، (شيئاً) أياً كان هذا الشيء، سواءً كان حياً أو كان غير حي جامداً أو مائعاً، لكن بشرط أن يكون محترماً.
قوله: (محترماً) قيد يخرج غير المحترم، وغير المحترم هو: الشيء الذي حرمه الشرع، ومن أمثلة ذلك: الميتة والكلب والخنزير، وكذلك السباع العادية، والفواسق، فهذه كلها غير محترمة، قال صلى الله عليه وسلم: (خمسٌ يقتلن في الحِل والحرم)، فلما ذكر الخمس الفواسق اللاتي يقتلن في الحِل والحرم ووصفهن بالفسق أسقط حرمتهن، وأجاز إتلافها وعد ذلك قربةً لله سبحانه وتعالى، وبناءً على ذلك: لا بد وأن يكون الشيء المتلف له حرمة.
وكما يكون من الحيوانات غير محترم يكون من غير الحيوانات، مثل: الخمر من الشراب، والصليب، وآلات اللهو، فكل هذه لا حرمة لها شرعاً ولو أتلفت فإنه لا يجب ضمانها، وآنية الذهب وآنية الفضة كذلك؛ لأن الله عز وجل حرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، فقال عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيح- من حديث حذيفة رضي الله عنه: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحائفهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) فلو هشم شخص إناء ذهب أو إناء فضة وكسره، فإنه لا يجب عليه ضمانه، وإذا ثبت هذا فإن كل شيء محترم يجب ضمانه إذا طالب صاحبه بحقه.
فقوله: (ومن أتلف شيئاً محترماً) هذه الجملة صدر بها المصنف؛ لأنه سيذكر ما تفرع عليها من المسائل المبنية على قاعدة الإتلاف.