Q هل يصح أن أجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع في وقت طواف الوداع بنية واحدة؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: على المسلم أن يلتزم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فالخير كل الخير في اتباع هديه والسير على نهجه صلوات الله وسلامه عليه، إن المسلم حينما يعلم أن هديه عليه الصلاة والسلام في يوم النحر أنه نزل وطاف طواف الإفاضة، ثم رجع وبات بمنى ورمى الجمار، ثم رجع وطاف طواف الوداع فإنه يفعل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يترك هذه السنة، ولا يتساهل فيها، ولذلك حينما يقول: هذا واجب وهذا ركن، والواجب يندرج تحت الركن، يقول بعض العلماء: إن الفقه قد يكون وبالاً على صاحبه متى؟ حينما تجد من يتعلم الفقه يقول لك: هذه سنة فيتركها، بينما العامي يعلم أنها سنة ولكن يقتتل عليها حتى يحصلها، فانظر كيف أن هذا جاهل يفوز بالدرجات العلى وهذا عالم يحرم الخير.
فلذلك لا ينبغي للإنسان أن يفرط بالسنة، هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نزل في يوم النحر وطاف طواف الإفاضة، فلماذا تترك هذه السنة؟ ما الذي أقدم الإنسان من آلاف الكيلو مترات أشعث أغبر من كل فج عميق، وتحمل المشاق؟ ثم يأتي الشيطان يحول بينه وبين الخير ويمنعه من خطوات يتبوأ بها الدرجات العلى والخير الكثير، ويصيب بها الرحمة ويشرفه الله بالطواف ببيته فيمتنع من هذا الخير كله ويتقاعس عنه، ويقول: أجمع بين طواف الإفاضة والوداع؛ لأن الفقهاء يقولون: يندرج الأصغر تحت الأكبر، لماذا يحرم الإنسان نفسه هذا الخير؟ نعم إن وجد عذر، كالمرأة الحائض تحيض في العيد، ويأتي يوم النحر وهي حائض، لا تستطيع أن تطوف طواف الإفاضة، ثم تبقى يوم التشريق الأول والثاني والثالث، ثم تطهر فتريد أن تطوف طواف الإفاضة وتريد أن تصدر، نقول: طوفي طواف الإفاضة ويكون مغنياً لكِ عن طواف الوداع، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر عهدكم بالبيت طوافه).
فهذه إذا طافت طواف الإفاضة ونوت تحته طواف الوداع أجزأ؛ لأنه واجب لا يتحقق إلا بالنية، وفي هذه الحالة قد تحقق مقصود الشرع بجعل آخر العهد بالبيت طوافه، لكن القادر والمستطيع وطالب العلم والعالم الذي يعلم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ويقصر في ذلك، فهذا أمر لاشك أنه حرمان من الخير، وفوات للخير على العبد، وهو من تخذيل الشيطان للإنسان، فينبغي للمسلم أن لا يكون ذلك الرجل، ويحرص المسلم وتحرص المسلمة على أن تنزل يوم العيد وتطوف طواف الإفاضة في يوم النحر؛ لأن في ذلك الخير الكثير، قال تعالى: (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158].
جعل الله أحب الأشياء إليه وأعظمها عنده زلفى وقربى منه سبحانه وهي الهداية، جعلها مقرونة باتباع هديه عليه الصلاة والسلام؛ وهي أ‘ظم مكافأة يجدها المسلم في اتباعه، قال سبحانه وتعالى: (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158]، فنتبع سنته عليه الصلاة والسلام، ونطوف طواف الإفاضة في يوم النحر، ونطوف طواف الوداع إذا صدرنا وخرجنا، ونجعله آخر العهد؛ فإن وجد العذر فلا بأس حينئذٍ، وأما إذا لم يوجد العذر وفعل الإنسان ذلك متعمداً فقد فاته الخير، وليس هناك دليل على الإلزام بشيء، والله تعالى أعلم.