قال رحمه الله: (إلا البضع).
(إلا) استثناء، والاستثناء: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، وهو هنا اللفظ (كل) العام، وإذا أردت أن تضبط القاعدة، فإن الشيء الذي يُعار ينقسم إلى قسمين: الأول: منفعة عقار.
الثاني: منفعة منقول.
منفعة العقارات: مثل: البيوت والمساكن والأراضي والمزارع.
ومنفعة المنقولات: مثل: الكتب ومنفعة القراءة فيها، والقلم ومنفعة الكتابة به، واللباس والسلاح الذي يحتاجه، وينتفع به لدفع الضرر عنه، إلى غير ذلك مما يرتفق به من المنقولات، فإما أن يكون عقاراً، وإما أن يكون منقولاً.
ويجوز إعارة المنقولات والعقارات؛ إذ ليست العارية مختصة بأحد النوعين، إنما هي عامة شاملة، لكن بشرط أن يكون كل من العقار والمنقول فيه نفع، وأن يكون النفع مباحاً.
ثم هناك أمر مهم جداً: وهو أنك إذا وهبت هذه الأشياء وأعطيت منافعها، يشترط ألَّا تكون وسيلة إلى حرام، فمثلاً: لو أن شخصاً كان محرماً بالحج أو العمرة، فإن الصيد عليه حرام -كما سيأتي-؛ لأن يده مرتفعة عن الصيد، وإعارته تخالف نص الشرع بتحريم الصيد عليه، فيحرم تمكينه من الصيد، سواء على سبيل العين أو على سبيل المنفعة، وعلى هذا فلابد من التفصيل في هذه المسألة: القاعدة من حيث الأصل العام: إباحة كل شيء فيه نفع مباح، لكن الأمثلة التي سيذكرها المصنف كلها وسائل لمحرم، والأمثلة مختلفة باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، وعلى هذا لك أن تمثل بكل مثال تكون فيه العارية وسيلة إلى حرام.
قوله: (إلا البضع): البضع المقصود به: فرج المرأة -أكرمكم الله- فلا يجوز أن يعيره آخر، فالزوج يجوز له أن يستمتع بامرأته لكن لا يجوز له أن يعير البضع لآخر.