قال رحمه الله تعالى: [واتحادهما]: اتحاد المركوبين من حيث إنك تجعل الاثنين يدخلان إلى المسابقة، وكلٌ منهما يقول: يمكن أن يسبقني نظيري.
أما لو كانا مختلفين، كأن يكون أحدهما من الإبل العرابية، والثاني من الإبل البختية؛ فحينئذٍ اختلف النوع، والجنس واحد -وهو كونهما من الإبل- فإذا اختلف نوعهما فقد اختلف العلماء: فقال بعض العلماء: يصح السَبَق مع اختلاف النوع واتحاد الجنس.
وقال بعض العلماء: لا يصح إذا اختلف النوع مع اتحاد الجنس، كما نص المصنف.
وفي الحقيقة -من حيث الدليل- فإن القول بأنه لا يشترط الاتحاد قوي جداً، وهذا يختاره بعض العلماء.
فاتحاد المركوبين الأشبه فيه أنه لا يشترط، لكن يشترط ألا يأمن أحدهما أن يسبق الآخر -هناك وجه من جهة الاشتراط أنه عدم أمن أن يسبقه- حتى يتحقق العدل؛ لأنه إذا كان السبق بعوض، ودخل الإنسان بفرس، ولا يشك أن فرسه سابق، وفرس الآخر مريض، أو هزيل، أو كبير، ولا يشك أنه سيسبقه؛ فحينئذٍ لا شك أنه سيأكل المال بالباطل؛ لأنها ليست مسابقة حقيقية.
وبناءً على ذلك: لابد وأن يكونا متحدين في القوة متحدين في العدو، وبينهما اتحاد من جهة الوصف، هناك فرق بين اتحاد النوع واتحاد الوصف، فإذا اتحدا على وجه لا يأمن معه أن يسبق زميله، أو رفيقه أو منافسه صحت، أما إذا كان الاتحاد المراد به اتحاد النوعين فلا.
وعلى هذا فإنه إذا كان اختلاف النوعين مؤثراً صح ما ذكره المصنف في حالة فقط وهي: أن يكون أحدهما عرابياً والثاني بختياً وتكون البختية ثقيلة، والعرابية سريعة العدو؛ فحينئذٍ يترجح قول المصنف رحمه الله، لكنه على سبيل الخصوص لا على سبيل العموم.
فالخلاصة: أنه من حيث الاتحاد، عند اتحاد الجنس، واتحاد النوع، واتحاد الصفة، هناك ثلاث مراتب: فاتحاد الجنس: أن تكون -مثلاً- كلها من الإبل، ولو أن هناك جنساً عاماً وجنساً خاصاً، فالمراد هنا أنها من جنس الإبل الخاص.
وأما اتحاد النوع فإن الإبل فيها العرابية وفيها البختية، فالعرابية لها سنام واحد، والبختية لها سنامان، فإذا قلت: يشترط -أيضاً- اتحاد النوع، فحينئذٍ لا يصح أن يسابق بين عرابية وبختية.
ولكن الصحيح أنه يجوز أن يسابق بين العرابية والبختية، بشرط: اتحاد القوة، وعدم أمن السبق، كما ذكرنا، وفي هذه الحالة نشترط اتحادهما في الصفات من جهة السرعة والعدو، وليس المراد اتحادهما من جهة النوع، كما ذكرنا.
والدليل على أنه لا يشترط الاتحاد: عموم قوله عليه الصلاة والسلام: (أو خف)، فالإبل إذا كانت عرابية أو بختية فهي ذات خف، وقد عمم النبي صلى الله عليه وسلم في المسابقة بين ذوات الخف، سواء أكانت متحدة النوع أم مختلفة النوع، فيبقى على هذا العموم.
فالذي يظهر -والعلم عند الله- أنه لا يشترط اتحادهما من جهة النوع.