قال: [ولا أجرة له]: قد عرفنا متى يضمن الأجير المشترك ومتى لا يضمن، وهنا يقال: لو أن غسّالاً غسل ثوباً، ثم بعد أن قام بمهمة الغسيل نشره في مكان، ثم جاءت الريح وأخذته دون أن يشبكه ويتعاطى أسباب الحفظ، فضاع الثوب، ففي هذه الحالة يضمن؛ لأن المفروض عند هبوب الريح أن تحتاط لثياب الناس.
أو وضعه في مكان النشاف الموجود في الآلات، فلو أنه زاد النشاف فأحرق الثوب أو أفسده، أو جاء يكوي فزاد عيار الكهرباء فأحرق الثوب، ففي هذه الحالة يضمن، فإن قال: أنا أضمن الثوب وقد غسلته وكويته، فيعطيني أجرة الغسيل والكي، وأعطيه قيمة الثوب أو مثل الثوب! قلنا: لا أجرة لك؛ لأن العمل إنما تستحق عليه الأجرة إذا سلمته، صحيح أنك قمت بالعمل، لكنك لم تسلمه، فقيامك بالعمل لا يعتبر موجباً لاستحقاقك الأجرة إلا إذا سلمته.
فهنا لابد من الانتباه لهذا الأمر، فلا يستحق الأجرة إلا إذا سلم العمل؛ فالعمل الذي قام به لم يستلمه المستأجر حتى نقول: إنه يلزمه دفع الأجرة.
وعلى هذا قال رحمه الله: [ولا أجرة له]: أي لا يستحق الأجرة، فلو دفع المستأجر الأجرة مقدمة فإننا نقول للأجير: رُدَّ لصاحب الثوب الأجرة، وليس من حقك أخذُ هذه الأجرة؛ لأنك لا تستحقها إلا بتسليم العمل، وقد قمت بالعمل ولم تسلمه، فلا حق لك في هذه الأجرة.