حكم الإجارة للزمر والغناء

قال رحمه الله: (والزمر).

الزمر النفخ في المزامير، والغناء: يكون بآلات اللهو، وبالنسبة للزمر والغناء فقد حرمهما الله عز وجل؛ ولذلك توعد الله عز وجل أهله فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان:6] وهذه الآية الكريمة كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه الغناء.

وعبد الله بن مسعود قد تلقى القرآن من فم النبي صلى الله عليه وسلم غضاً طرياً كما نزل، وما كان يقرأ عشر آيات حتى يتعلمهن ويعلم حلالهن وحرامهن، وكان أعلم بكتاب الله عز وجل، وكان رضي الله عنه يقول: (ما من آية إلا وأعلم أين نزلت، ومتى نزلت، وفيم نزلت، ولو أعلم رجلاً أعلم بكتاب الله مني تعمل إليه المطي لذهبت إليه).

وهذا يدل على عظيم مكانته وجليل منزلته رضي الله عنه وأرضاه في ضبط كتاب الله ومعرفة ما فيه، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن ابن مسعود رضي الله عنه من أئمة الصحابة الذين هم أهل لتسطير كتاب الله عز وجل، وله تفسيراته المشهورة، ف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فسر هذه الآية، وحلف بالله اليمين المغلظة وقال: (والله الذي لا إله إلا هو، إنه الغناء).

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه: (يأتي في آخر الزمان أقوام يستحلون الحر والحرير والمعازف والقيان، ما هم بمؤمنين، ما هم بمؤمنين، ما هم بمؤمنين) فهذا الوعيد الشديد قد نص العلماء رحمهم الله أن المراد به نفي الإيمان، لكن من اعتقد حل الزنا فإنه كافر بإجماع العلماء؛ لأنه قال: (يستحلون الحر).

وأما بالنسبة للمعازف فإذا قال: إنها حلال.

متأولاً قول من قال من أهل العلم، وهو قول شاذ وضعيف لبعض المتقدمين، فإن كانت عنده شبهة فتزال عنه هذه الشبهة.

وقول عليه الصلاة والسلام: (يستحلون الحر والحرير) يدل على أن الأصل أنه حرام.

وأيضاً رتب على هذا الاستحلال قوله: (ما هم بمؤمنين، ما هم بمؤمنين).

ومن القواعد والضوابط عند العلماء رحمهم الله: أن كل فعل أو قول رتب عليه عقوبة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاً، أو رتب عليه الوعيد بنفي إيمان أو غضب أو لعنة فإنه يعد من كبائر الذنوب.

وهذا الضابط نص عليه جمع من أئمة السلف، وهو قول حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقد اختاره الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن حزم رحمة الله على الجميع، فما ورد في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مقروناً بعقوبة الدنيا أو عقوبة الآخرة أو عقوبتين معاً -أي: عقوبة الدنيا والآخرة- أو فيه وعيد بنفي إيمان أو غضب أو لعنة أو نحو ذلك فإنه يعد من كبائر الذنوب التي توجب تفسيق صاحبها، والعياذ بالله!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015